موسوعة هل تعلم: نشأة الحياة على كوكب الأرض

 نشأة الحياة على كوكب الأرض

في أرجاء الكون اللامتناهي, تبدو الأرض حالة فريدة, لأنه كوكب شكلته و قولبته الحياة, حيث يعيش فيه حوالي 6 ملايير نسمة. لكنه عندما تكون, قبل 4 ملايير و نصف مليار سنة, كان الكوكب مكانا عنيفا, حيث أنه من الصعب تصديق أن الحياة ستظهر فيه, فلقد كان مغطى بالحمم البركانية و مختنق بالغازات السامة.

و لمعرفة أصل الحياة على سطح الأرض, قامت عالمتا ميكروبيولوجيا, هما: ( بيني بوسطن ) و ( ديانا نورثروب ) بالبحث في هذا الموضوع. لقد توجهتا إلى الغابات الإستوائية الممطرة حيث يوجد كهف يدعى ( كوفي دي فيلا لوز ) بجنوب المكسيك, و هو مكان في باطن الأرض حيث يوجد فيه غاز كبريتيد الهيدروجين, و هو غاز سام كان موجودا على سطح الأرض خلال حقبتها الأولى لنشأتها قبل 4 ملايير عام. فهذا الكهف يوفر بيئة مشابهة للبيئة التي عاشتها الأرض خلال تلك الفترة. إن غاز كبرتيد الهيدروجين شديد السمية, لذا كان على العالمتان ارتداء أقنعة غاز بداخل الكهف. إن هذا الغاز يتسرب من باطن الأرض ليتفاعل مع الأكسجين و يغطي جدران الكهف بحمض الكبرتيك الشديد الحمضية. في ظل هذه الظروف وجدتا أن الحياة مزدهرة بداخل الكهف. و هي عبارة عن مستعمرات من بكتيريا وحيدة الخلية. إن البكتيريا هي أكثر أنواع الحياة شيوعا و بدائية على الأرض, و هي تنمو و تتكيف مع بيئتها و تتناسل. لقد اكتشفت ( بوسطن ) و رفيقتها أنواعا مختلفة من البكتيريا داخل الكهف. و إذا كان كبريتيد الهيدروجين غازا قاتلا للإنسان, فإنه مهم جدا في حياة هذه البكتيريا, فهي تستغله في توليد الطاقة الكيميائية. و الظروف في الأرض الفتية كانت أسوأ من ظروف هذا الكهف, لكن هذه البكتيريا تلمح لنا أن الحياة البدائية ربما قد تكون ظهرت في بيئة غاية في الصعوبة.


يعتبر عنصر الكربون أساس الحياة, ثم يأتي من بعده الأكسجين و الهيدروجين و النيتروجين. و سبب كون الكربون مميزا هو نوع الروابط التي يكونها مع العناصر الأخرى و مع ذرات كربون أخرى كذالك. و الفكرة المطروحة هي أن الحياة قد تكونت عندما اتحدت ذرات الكربون مع العناصر الثلاثة الأخرى. في خمسينيات القرن العشرين, قام طالب اسمه ( ستانلي ميلر ) ببناء أداة غريبة الشكل مصنوعة من قوارير و أنابيب, و ملأ إحدى القارورات بالغازات التي ظن أنها ملأت الغلاف الجوي للأرض قبل ظهور الحياة فيها, ثم أوصل هذه القارورة بأخرى بها ماء, بعدها, وضع جهاز تفريغ كهربائي, و بعد الإنتظار لمدة يومين, ظهرت مادة لزجة بنية على جدار القارورة, و عندما قام بتحليل هذه المادة وجدها أحماضا أمينية. إن الأحماض الأمينية مكونات تتشكل عندما تتحد ذرات الكربون مع بعضها و مع عناصر أخرى, و هي وحدات البناء الضرورية للبروتينات ثم الخلايا الحية. فهي مكونات ضرورية لكل الكائنات الحية.

يعتقد أغلب العلماء أن الظروف البيئية التي تواجدت على الأرض القديمة كانت مختلفة جدا عن تلك التي حاكاها ( ميلر ) في معمله. لكن العلماء يعتقدون كذالك أن الحياة ربما وجدت مبكرا, قبل 3 ملايير ونصف المليار سنة. و الدليل يأتي من بعض أقدم الصخور على الأرض الموجودة غرب ( جرين لاند ) و التي يبلغ عمرها أزيد من 3 ملايير و نصف المليار سنة, و التي تحتوي على بصمات كيميائية تدل على بكتيريا أو ميكروبات قديمة. لكن يبقى السؤال مطروحا عن مصدر هذه الحياة. فهل هي ظهرت عن طريق تفاعلات كيميائية بين الغازات و البرق و الماء كما ادعى ( ميلر )؟ أم قد يكون مصدرها هو الفضاء الخارجي؟

عالم اسمه ( براون لي ) صمم تجربة لمعرفة ما إذا كان الفضاء يحمل وحدات بناء الحياة. إن الفضاء يمطر كوكب الآرض بأعداد هائلة من الغبار و هي جسيمات أحجامها أقل من الميليمتر, و لأجل العثور عليها بالغلاف الجوي الأرضي, كلف طائرة بالطيران قريبا من حافة غلاف الأرض الجوي, و أجنحة الطائرة بها لبادات رغوية مثبتة عليها لجمع الغبار الفضائي. بعدها, قام ( براون ) بتحليل هذا الغبار و اكتشف أنها تحتوي على الأملاح المعدنية و المواد العضوية التي هي مصدر الحياة. في سنة 1969م, ضرب نيزك أستراليا و بعد تفكيك هذا النيزك و تحليله وجدوا أنه يحتوي على أحماض أمينية, و هي وحدات بناء الحياة. فأكثر من 70 نوعا من الأحماض الأمينية ثم العثور عليها في النيازك.

إن نظرية تكون الحياة على الأرض من الفضاء الخارجي تقول: إن المذنبات التي تحتوي على الأحماض الأمينية اصطدمت بالأرض بقوة اصطدام عنيف جدا, مما جعل هذه الأحماض الأمينية تتحد سويا مشكلة مركبات أكثر تعقيدا تسمى الببتيدات, و هذه الببتيدات اتحدت بدورها مشكلة الخلايا الحية. لكن القفزة من المكونات غير الحية إلى الكائنات الحية المزودة ب DNA   الذي يمكن خلاياها من التكاثر تبقى غامضة حتى الآن.