ابن حمزة المغربي رائد علم اللوغاريتمات

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0
ابن حمزة المغربي أحد علماء المسلمين الذين كان لهم أثر واضح في علوم الرياضيات وخاصة الحساب، وهو رائد علم اللوغاريتمات، ويعد كتاباه "تحفة الأعداد في الحساب" و" تحفة الأعداد لذوي الرشد والسداد" من المصادر الهامة لعلم الأعداد والحساب، والعلاقة ما بين المتواليات الحسابية والهندسية. وقد ذاع صيته لبراعته في حل المسائل الحسابية وخاصة مسائل الميراث، وأشهرها ما عرف بــ "المسألة المكية".

 
إن دراسة حياة ابن حمزة المغربي واجب تاريخي يستفيد منـه الشـباب النـاهض، لأنهـم يـرون فيه مثلا يقتدي به في خدمة العالم، بإنتاجه العلمي المفيد، وللأسف معرفتنا لابن حمزة بالاسم فقط، لأن العناكب قد نسجت بيوتها على بعض مؤلفاته في مكتبات العالم، والبعض الآخـر قـد ضـاع فـي الحروب التي قامـت علـى الـبلاد العربيـة والإسـلامية، ولا نجـد مـن ينـبش فـي القـديم لإحيـاء إسـهاماته العلمية، التي أهملتها معظم المراجع الأجنبية المحتوية على معلومات عن علماء العـرب والمسـلمينٕ؛ لإخراجهــا إلــى النــور ليتســنى لشــباب الأمــة العربيــة والإســلامية، قــراءة وتفهــم تلــك الكنــوز القيمــة المغمـورة بـين دفـاتر الكتـب القديمـة أو المحفوظـات الباليـة المهجـورة فـي مكتبـات العـالم، وأن يفخـروا بأعمال أجدادهم الجليلة، ومن حسن حظ عالمنا ابن حمزة المغربـي وجـود ترجمـة أنقذتـه مـن طوفـان النسيان، ومن ضياع بعض مآثره هنا وهنـاك، فـي بطـون الكتـب القديمـة وزوايـا المخطوطـات، وكـان أيضا ابن حمزة المغربي بارعًا في الكتابة والاشتغال بالعلوم الرياضية، لأنه صاحب البحوث المبتكرة.

ويجــب أن نأخــذ فــي عــين الاعتبــار مــن الالتبــاس الــذي يقــع فيــه الكثيــر مــن النــاس بــين الشخصـين ابـن حمـزة المغربـي وابـن أبـي الشـكر المغربـي، الـذي هـو محـي الـدين بـن محمـد بـن أبـي الشكر المغربي، وهو من مشاهير علماء الرياضيات في الأندلس، في القرن السابع الهجري / الثالـث عشر الميلادي.

ونأسـف علـى حالنـا نحـن العـرب والمسـلمين بـأن نتـرك المسـرح لعلمـاء الغـرب فـي أن يحققـوا تراثنا العلمي دون رقابة، لذلك وجب علينا أن نهتم بالإسهام العلمي القديم لعلماء العرب والمسـلمين وإحيائه وربطه بالحاضر حتى نشيد أمجادنا ونبني كياننا من أقوى الدعائم.

من هو ابن حمزة المغربي؟
ابـن حمـزة المغربـي هـو علـي بـن ولـي بـن حمـزة المغربـي، عـالم رياضـي جزائـري الأصـل مـن علماء القرن العاشر الهجري (السادس عشر الميلادي)، البارزين في علـم الرياضـيات، ولـد بـالجزائر مـن أب جزائـري وأم تركيـة، حيـث أحســن أبـوه تأديبـه وتعليمـه طـوال فتـرة تنشـئته، ولا يعـرف تـاريخ مولده ووفاته بالضبط، تعلم ابن حمزة في صباه القرآن وحفظ الحديث، وأظهـر موهبـة كبيـرة فـي علـم الرياضيات، فلما وصل العشرين من عمره لـم يكـن بـالجزائر معلـمٌ أهـلٌ لـه فعـزم الأب أن يرسـله إلـى إسـتانبول عنـد أهـل أمـه واسـتكمل تحصـيله العلمـي هنـاك، فعـاش فيهـا فتـرة زمنيـة يـتعلم ويعلـم علـم الرياضـيات، وتعلـم هنـاك العلـم علـى يـد علمـاء عاصـمة الدولة العثمانية وذلـك فـي عصـر السـلطان مراد الثالث بن سليم الثاني (982 – 1003هـ / 1575-  1595م).

فـي قصـر السـلطان العثمـاني:
ولقد وصل ابن حمزة مرتبة عالية في إسطنبول حتى ألحق بعمل كخبيـر فـي الحسـابات بـديوان المـال فـي قصـر السـلطان العثمـاني، كمـا هيـأه إتقانـه اللغتـين العربيـة والتركيــة أن يــدرس علــوم الرياضــيات لأبنــاء إسطنبول والوافــدين عليهــا مــن أبنــاء الدولــة العثمانيــة، ومكـث ابـن حمـزة فـي منصـبه حتـى بلغـه وفـاة أبيـه، فاسـتقال مـن عملـه رغبـة فـي أن يرعـى أمـه التـي أصبحت وحيدة، وفي الجزائر عمل ابن حمزة في حوانيت أبيـه التـي كـان يؤجرهـا لتجـار صـغار فتـرة من الزمن، لكنه ما لبث أن باعها، كما باع البيت أيضا، وذلك بعـد أن قـرر أن ينتقـل هـو وأمـه إلـى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج والإقامة بجوار البيت الحرام.

في مكة المكرمة:
فلقـد كـان ابـن حمـزة المغربـي ملحـًا بكافـة أنـواع العلـوم المختلفـة، ولكنـه كـان أكثـر فـي حبـه لعلم الحساب في رحله وترحاله لدرجة أنه في مكة عند أداء مناسك الحج قـام بتـدريس علـم الحسـاب للحجـاج. فكـان مـن المدرسـين المتميـزين فـي هـذا المجـال، وكـان ابـن حمـزة يركـز فـي تدريسـه علـى المسـائل الحسـابية التـي يسـتعملها النـاس كـل يـوم، وكـذلك المسـائل التـي تـدور حـول أمـور الإرث، وعندما بلغ الوالي العثماني بمكة عـن حلـه المسـألة المكيـة المشـهورة، طلـب منـه أن يعمـل فـي ديـوان المال، فمكث فيه نحو خمسة عشر عاما، وخلال تلك الفترة عكف ابن حمزة علـى دراسـة المتواليـات العدديـــة والهندســـية والتوافقيـــة دراســـة عميقـــة قادتـــه فـــي نهايـــة المطـــاف إلـــى وضـــع أســـس علـــم اللوغاريتمات، وهو العلم الذي سهل العمليات الحسابية المعقدة وخدم العلوم التطبيقية خدمـة عظيمـة، وكـان يـتقن اللغـة التركيـة ودرس بهـا العلـوم الرياضــية، حتـى أنـه ألـف فيهـا كتابـه المشـهور "تحفــة الأعداد لذوي الرشد والسداد".

اشتغل ابن حمزة، شأنه شأن أغلب العلماء المسلمين في عصره، بأكثر العلوم المعروفة آنذاك. ولم يُعْرَف بعد معظم إنتاجه العلمي، إما لضياعه، أو لوجوده مغمورًا في مكتبات العالم، ولا يعرف من إنتاجه الكبير سوى كتابه "تحفة الأعداد لذوي الرشد والسداد". ولقد صب ابن حمزة اهتمامه الشديد على الحساب، وكان من أهم أبحاثه في هذا الموضوع ما يتعلق بالمتتاليات الحسابية (العددية) والمتتاليات الهندسية والمتتاليات التوافقية.

ابن حمزة المغربي النساب الأمين:
عـرف ابـن حمـزة المغربـي بالنزاهـة العلميـة وبحسـن السـيرة والسـلوك وجـودة القريحـة، فكـان مـن العلمـاء الـذين يتحـرون الدقـة والصـدق فـي الكتابـة والأمانـة فـي النقـل، فاشـتهر بلقـب (النسـاب)؛ لأنـه كـان ينسـب كـل مقالـة أو بحـث إلـى صـاحبه، مثـل مـا ذكـر عـن كـل مـن نقـل عـنهم فـي مؤلفاته من علماء العرب والمسلمين معترفا بجميلهم، أمثال سنان بن الفـتح الحرانـي الحاسـب، وابن يونس الصدفي المصري، وابن الهائم، وابن غازي، بل فوق ذلك ينوه بفضلهم ويعتـرف لهـم بجميل سبقهم في مجال علم الرياضيات ومدى استفادته من إنتاجهم العلمي، بعكس ما يجـري عنــد علمــاء الغــرب، حيــث ينســبون أعمــال علمــاء العــرب والمســلمون لأنفســهم بالأســنادات الخاطئـة، فـإن عالمنـا المبتكـر ابـن حمـزة المغربـي لـه طـرق خاصـة ومميـزة فـي حلـه كثيـرا مـن المسائل الرياضية.

كتاب "تحفة الأعداد لذوي الرشد والسداد":
كـان ابـن حمـز ة المغربـي مـن علمـاء العـرب والمسـلمين المحبـين للترجمـة والتـأليف، وعُـرف ابـن حمـزة بعلـم الحسـاب، فكـان مـن المدرسـين المتميـزين فـي هـذا المجـال، وألـف كتابـه المشـهور والفريـد مـن نوعـه فـي علـم الحسـاب وهـو "تحفـة الأعـداد لـذوي الرشـد والسـداد"، والمبـوب علـى الطريقـة الحديثـة، وهو من أكمل الكتب الحسابية، وقد ورد اسم هذا الكتاب في كتاب "كشف الظنون": "تحفة الأعداد في الحساب، لعلي بن ولي، وهو ابن حمزة، ألفه في مكة المكرمة، ورتبه على مقدمة وأربع مقالات وخاتمة، وذلك في عصر مراد خان بن سليم خان".

ونذكر تفاصيل كتاب (تحفة الأعداد لذوي الرشد والسـداد، لابـن حمـزة المغربـي حسـب مـا ذكـره لنا عمر رضا في كتابه (العلوم البحثة في العصور الإسلامية)، حيث كتب ابن حمزة هذا الكتاب باللغة التركية في مكة المكرمة.

تحوي المقدمة تعريف الحساب، وأصول الترقيم والتعداد، واستعمال أرقامٍ مخالفة للأشكال التي كانت منتشرة في عصره، وقد سماها الأرقام الغبارية، وهي الأرقام العربية الأصل، المستخدمة حاليًا في المغرب العربي وفي الدول الغربية. سميت هذه الأرقام غبارية بسبب كتابتها في الأصل على منضدة، أو حوض من الرمل بالإصبع أو بعود. وتحوي المقالة الأولى العمليات على الأعداد الصحيحة «الطبيعية»، من جمع وطرح وضرب وقسمة. وتبحث المقالة الثانية في الكسور والجذور، وفي مخارج الكسور، وفي جمعها وطرحها وضربها وقسمتها، واستخراج الجذر التربيعي للأعداد الصحيحة، وكيفية إجراء العمليات الأربع على الأعداد الصم، واستخراج جذور الأعداد من القوة الثالثة والرابعة. وتناولت المقالة الثالثة البحث في الطرق المختلفة لاستخراج قيمة المجهول، وذلك باستعمال التناسب، وطريقة الخطأين، وطريقة الجبر والمقابلة. وتبحث المقالة الرابعة، وهي الأخيرة، في مساحات الأشكال والأجسام، كالأشكال الرباعية والمنحنية وبعض أنواع الجسوم. وأتى المؤلف في الخاتمة على عدد كبير من المسائل التي يمكن حلها بطرق مختلفة، ولم يكتف بذلك، بل أتى على ذكر بعض المسائل الغريبة والطريفة، وقد حلها بطرق لم يُسبق إليها، منها ما سماه بالمسألة المكية.

ابن حمزة المغربي مكتشف علم اللوغاريتمات:
يعتبر ابن حمزة المغربي هو الذي وضع أسس علم اللوغاريتمات، بل يجب اعتباره مكتشف علم اللوغاريتمـات، وواضـع حجـر الأسـاس لعلـم اللوغاريتمـات، وذلـك بفضـل اهتمامـه البـالغ بالمتواليـات العدديـة والهندسـية والتوافقيـة، وكانـت بحوثـه فـي المتواليـات هـي الأسـاس الـذي بنـي عليـه هـذا االفـرع مـن رياضـيات، فقـد تكلـم عـن الصـلة بـين المتواليـة الحسـابية الهندسـية كلامـا جعلـه واضـعا لأصـول اللوغاريتمات، وواضع اللبنات الأولى له، علـى الـرغم مـن أن علمـاء الغـرب يصـرون علـى أن العـالم الإسـكتلندي جـون نـابيير (1550 - 1617م)، م هـو المبتكـر الحقيقـي لعلـم اللوغاريتمـات، وأنكـروا دور حمزة المغربي تمامًا.

ومن المؤسف حقـا أن علمـاء الغـرب لا ينسـبون صـاحب الابتكـار فـي علـم اللوغاريتمـات لابـن حمـزة المغربي، ومن بينهم اللورد مولتون حيث يقول : "إن فكـرة اللوغاريتمـات حـق مـن حقـوق نـابيير، وأن العلماء السابقين له لا يعرفون شيئا، ولـيس لـديهم فكـرة عـن هـذا الحقـل الجديـد". وأيضـا اعتراف كل من سمث وايفز بأن المعادلة: جا أ جا ب = جتا (أ – ب) - جتا (أ + ب)، هـي التـي هـدت نـابيير إلـى اكتشـافه علـم اللوغاريتمـات، حيـث أنهمـا نسـوا بـأن ابـن يـونس الصـدفي المصري هو أول من توصل إلى معادلة: جتا أ جتا ب = جتا (أ + ب) + جتا (أ + ب)

وحقيقة الأمر أن الذين لهـم الـدور فـي هـذا المضـمار هـم سـنان بـن الفـتح الحرانـي الحاسـب، وابن يونس الصدفي المصري، وابن حمزة المغربي، وتعود أصل اشتقاق كلمة اللوغاريتمات من كلمة Alguarisms  أي الخوارزميــات، رغــم أنــه لا يــدل قطعــا علــى أن الخــوارزمي لــم يســهم فــي هــذا المجال، وإن أخدت الكلمة من اسمه.

ويقول علي الدفاع: "إننا لا نستبعد أبدًا أن يكون ابن يونس قد استفاد من كتاب سنان بن الفتح الحراني الحاسب، الذي ظهر في أوائل القرن الثالث الهجري، والذي سماه "كتاب الجمع والتفريق"، وقد شرح فيه كيفية إجراء عمليات الضرب والقسمة بوساطة عمليات الجمع والطرح".

فـالمفترض أن يكـون اختـراع علـم اللوغاريتمـات مـن نصـيب ابـن حمـزة المغربـي، ولـيس كمـا ينسب الآن لنابيير وبورجي، اللذان أتيا بعده بأربع وعشرين سنة، فعلى سبيل الإيضـاح: نجـد فـي نـص ابـن حمـزة المغربـي حسـب مـا ذكـره وشـرحه لنـا قـدري طوقـان فـي كتابـه (تراث العرب العلمي في الرياضيات والفلك) بالآتي: "أن أس الأساس لأي حد من حـدود متواليـة هندسـية تبـدأ بالواحـد الصـحيح، يسـاوي أسـس الحـدين اللـذين حاصـل ضـربهما يسـاوي الحـد المـذكور ناقصا واحدا".

أمـا شـرحه فيـذكر -طوقان- بـأن ابـن حمـزة المغربـي أخـد متـواليتين هندسـية وعدديـة:

فالهندسـية هـي: 1،2، 4، 8، 16، 32 ...

أما المتواليــة العدديــة فهي: 1، 2، 3، 4، 5، 6 ...

قال طوقان: اعتبر ابن حمزة أن حدود المتتالية الثانية الحسابية، هي أساس المتتالية الأولى الهندسية، الذي هو العدد (2). فإذا قرأنا هذا النص بلغة عصرنا فإنه نص خاطئ؛ لأن لحد الأول من المتتالية الهندسية لا يساوي 2 1 وكذلك بقية الحدود مثل 32 لا يساوي 2 6. لم يكن ابن حمزة على مـا يظهر على معرفة دقيقة بمفهوم القوى، التي ذكر خواصها الســموءل المغربي في كتابه «الباهر في الجبر» كما أنه لم يكن يعرف القوة الصفرية أي 2 0 =1.

ومن المرجح أن ابن حمزة كان يعتبر حدود المتتالية الحسابية أرقام ترتيب لحدود المتتالية  الهندســية: رقم الحد الأول (1) هو (1)، ورقم الحد الثاني (2) هو (2)، ورقم الحد السادس (32) هو (6)، وبذلك يستقيم النص ويصبح خالياً من الخطأ.

مؤلفات ابن حمزة المغربي:
مــن المؤســف حقــا، أن يعــرف ابــن حمــزة المغربــي بالاســم فقــط، فيرجــع تجهــل إســهاماته العلميــة، ذلــك لأن الكثيــر منهــا قــد فقــدت بســبب الهــزات السياســية التــي مــرت علــى الــبلاد العربيــة والإسـلامية، وأهمــل الــبعض الآخـر، فنســجت عليــه العنكبـوت بيوتهــا فــي مكتبـات العــالم. فنأمــل مــن شباب أمتنا العربية ولإسلامية البحث عن إنتاج عالمنا ابن حمزة المغربي، للتعرف عليه وتحقيقـه والاستفادة منه، فنذكر الكتابين المتداولين والمعروفين لابن حمـزة المغربـي اللـذين اسـتطعنا وجودهمـا وهما:

1- كتابه الشـهير "تحفـة الأعـداد لـذوي الرشـد والسـداد"، ألفـه فـي إسـتانبول، قـدم فيـه عـددا مـن النظريـات المتعلقـة بعلـم الأعـداد والعلاقـة مـا بـين المتواليـات الحسـابية والهندسـية واتبـع ابـن حمزة في تبويب هذا الكتاب الطريقة الحديثة، فقد بحث في المسائل الحسابية التي يسـتعملها الناس كل يوم، كما تعرض فيها للمسائل التي تدور حول المساحات والحجوم. ونـال هـذا الكتـاب إعجابًا مـن المـؤرخين فـي العلـوم علـى أنـه كتـاب مفيد، وكما يقول قدري طوقان: "فعنـد مراجعة كتـاب آثـار باقيـة وقراءتنـا لفصـول كتـاب تحفـة الأعـداد لـذوي الرشـد والسـداد، ظهـر لنـا أن ابن حمزة المغربي، هو من علماء القرن العاشـر الهجـري (السـادس عشـر المـيلادي) ومـن الـذين اشـتغلوا بالرياضـيات، وبرعـوا وألفـوا فيهـا المؤلفـات القيمـة، التـي أفضـت إلـى تقـدم بعـض النظريات في الأعداد".

2- "تحفـة الأعـداد فـي الحسـاب"، ألفـه فـي مكـة المكرمـة ورتبـه ترتيبـا دقيقـا علـى مقدمـة وأربـع مقالات وخاتمة في عصر مراد خان بن سليم.

3 -المسألة المكية.

المسألة المكية:
لقد ذكر ابن حمزة مسألة حسابية غريبة، وذكر طريقة حلها بعد أن فشل علماء الهند في حلها، وسماها المسألة المكيَّة. يقول ابن حمزة: إن حاجًّا هنديًا سأله هذه المسألة في مكة، وقد عجز علماء الهند عن إيجاد حل مرض لها، ولم يستطيعوا إيجاد قاعدة يمكن اتباعها في الأعمال التي تكون على نمطها، وكان نصها كما يأتي

"ترك رجل تسعة أولاد، وقد توفي عن إحدى وثمانين نخلة، تعطي النخلة الأولى في كل سنة تمرًا زنته رطل واحد، وتعطي الثانية رطلين من التمر، وهكذا إلى النخلة الحادية والثمانين، التي تعطي واحدًا وثمانين رطلًا. والمطلوب تقسيم النخلات بين الأولاد بحيث يكون نصيبهم بعدد النخلات وبوزن محصولها من التمر متساوية".

حل ابن حمزة المغربي:
أي أن يكون لدى كل ولد تسع نخلات بحيث تعطي عددًا من الأرطال يساوي العدد الذي يأخذه الثاني من نخلاته التسع، ويساوي العدد الذي يأخذه الثالث وهكذا. وقد يجد القارئ لذة في سرد الحل الذي وضعه ابن حمزة، كما يقول قدري طوقان في كتابه "تراث العرب العلمي".

وقد اتبع ابن حمزة الطريقة الآتية التي تدل على قوة عقله ومقدرته على حل المشكلات الرياضية، حيث كتب الأعداد من (1 إلى 9)، وفي السطر الثاني كتب (10 وهكذا إلى 17)، وفي السطر الثالث ترك ابن حمزة العمودين الأولين، وبدأ بالعدد (19) فوضعه في العمود الثالث، إلى أن وصل إلى (25) فوضعه في العمود التاسع، ثم في العمودين الأولين العددين اللذين يليان 25 (26 ، 27)، وفي السطر الرابع ترك الأعمدة الثلاثة الأولى وسار على الترتيب نفسه الذي سار عليه في السابق وهكذا. كما هو موضح في الجدول التالي:
حسابات.

 
ويرى البعض أن حل ابن حمزة المغربي ليس هو الحل الوحيد، ولا هو الحل الأقدم، بل سبقه في هذا المضمار آخرون. ويدخل هذا في موضوع المربعات السحرية الذي ذكر في كتاب "رسائل أخوان الصفا".

كانت هذه لمحة موجزة عن حياة عالم اشتغل بالعلوم الرياضية، وبرع في الكتابة فيها، وكانت له بحوث مبتكرة وطرق خاصة في العويص منها لم يسبقه أحد إليها.
---------------
المراجع:
1- علــي عبــد الله الدفاع: المــدخل إلــى تــاريخ الرياضــيات عنــد العــرب والمســلمين، مؤسســة الرسالة بيروت، الطبعة الأولى، 1401هـ / 1981م.
2- علي عبد الله الدفاع: نوابغ علماء العرب والمسلمين فـي الرياضـيات، دار الأمـل للطباعـة والنشر، 1978م.
3- علي عبد الله الدفاع: العلوم الرياضية في الحضارة الإسلامية، الجزء الثـاني، دار جونـوايلي وأبناؤه، نيويورك، 1986م.
4- علي عبد الله الدفاع، العلوم البحتة في الحضارة العربية والإسلامية، بيروت، 1981م.
5- قدري حافظ طوقان: تراث العرب العلمي في الرياضيات والفلك، الطبعة الثالثة، القاهرة 1963م.
6- جمال عكاشة، حمادة أبو عوض، سمير أبو علي، مصطفى أسعد: تـاريخ الرياضـيات، دار المستقبل للنشر و التوزيع، الأردن، 1990م.
7- هدى الصادق أرحومة: عالم الرياضيات النساب ابن حمزة المغربي، المجلة الجامعة / جامعة طرابلس - ليبيا، العدد 15، المجلد الأول 2013م، ص179 - 188.
8- صالح زكي: آثار باقية، إسطنبول 1329هـ.
9- السموءل المغربي، الباهر في الجبر، تحقيق صلاح أحمد رشدي راشد، دمشق 1392هـ/ 1972م.
 

0 تعليق على موضوع "ابن حمزة المغربي رائد علم اللوغاريتمات"


الإبتساماتإخفاء