ورق البردي الفرعوني المصري

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0

ورق البردي الفرعوني المصري




منذ أن عرفت الإنسانية الكتابة بدأت تبحث عن مادة تكتب عليها، واجتهدت المجتمعات فى مراحل تطورها فى استخدام مواد مختلفة للكتابة، فتدرجت من استخدام الخشب إلى الفخار إلى الجلود إلى النسيج، ثم كان للمصرى القديم فضل اكتشاف إمكانية صناعة مادة للكتابة "الورق" باستخدام نبات معين "البردى"، والذى كان ينمو بوفرة فى النواحى الشمالية بالبلاد، ومنذ أن تمكن المصرى من هذا الاختراع الفذ، أصبح نبات البردى هو المادة الأولى والمفضلة للكتابة.
ما هو البردى؟
قبل الخوض فى دراسة البردى يجدر بنا أن نعرف ما هو البردى؟ وهنا يحضرنا تعريف الأستاذ الدكتور حسام عبد الحميد للبردى فى بحثه:"علاج وصيانة البردى: المشكلة والحل" حينما قال: إن ورق البردى هو أقدم ورق كتابة فى التاريخ، ويرجع إلى (3700 -2000)،
وقد ابتكره وصنعه المصرى القديم، واستعمل فى البداية فى المعابد المصرية القديمة لأغراض دينية مثل إعداد كتاب الموتى، ثم بعد ذلك استعمل فى الأغراض الدنيوية.
وقد ذكر بلينى أن صناعة ورق البردى ازدهرت فى العصر الرومانى فى حكم بطليموس، وصنع حكوميا، وصدر إلى عالم حيث اكتشف ورق البردى فى كل من آسيا الصغرى وسورية و أوربا، وهذا دليل على اتصال الحضارات القديمة، وكان لمصر امتياز تصدير البردى، حيث كان نبات البردى ينمو فقط فى دلتا النيل – خاصة المياه الراكدة – بينما ينمو حاليا فى جزيرة صقلية وفى وادى النيل الأبيض، وقد استمر استعمال البردى عالميا لقرون عديدة، حيث اكتشف بردى يرجع تاريخه إلى ( 722 -1057 م)، وأول بردى اكتشف فى مصر بمقابر الفراعنة كان عام 1880 م بواسطة "فلندر بترى"، وعن القيمة الاقتصادية لنبات البردى المصرى يقرر الدكتور مصطفى العبادى(1) فى بحثه:" مالية مصر عند الفتح العربى بين الوثائق البردية وكتابات المؤرخين" أن نبات البردى المصرى يعد أفضل برديات العالم، حيث يصل طوله إلى 5 سم عكس النباتات الأخرى، حيث يصل إلى 2 سم أو 3 سم فقط، مما لا يعطى مادة صالحة للصناعة، لذلك منذ الأسرة الأولى حتى القرن العاشر نجد مصر تحتكر هذه السلعة ومع نمو الحضارة والتمدن فى البلاد المجاورة خاصة فى دول البحر المتوسط، ازداد الطلب على أوراق البردى فى مصر، ومما يدلل على القيمة الاقتصادية لورق البردى هذا المثال الذى حدث فى القرن الرابع ق.م ... حيث كان يبنى فى اليونان معبد جديد لإله الشفاء والطب، والموظف المنوط بحساب المعبد سجل حساباته ومشترياته على ورق البردى، فوجد متوسط السعر (1 ) درخمة للورقة، وهذا سعر مرتفع، أما فى مصر فيصل إلى الضعف فقط، وفى سنة أخرى يقفز السعر من (1 ) درخمة إلى (10 ) دراخمات، أيضا وجدت رسالة موجهة من أحد الفلاسفة إلى الملك فيليب المقدونى أورد فيها عبارة عارضة "كنت أحب أن استطرد فى الحديث معك أيها الملك لولا ارتفاع سعر الورق منذ احتل الملك الفارسى مصر عام 343م" وهذا يبين الاحتكار الذى مارسته مصر لهذه المادة وقيمته الاقتصادية كسلعة بالنسبة لتجارة مصر الخارجية، ( يمكن الرجوع إلى أعمال مؤتمر البرديات فى تاريخ مصر – المجلس الأعلى للثقافة – يونية 2002 ) .
انتشار البردى فى العالم
ترجع معرفة تاريخ مصر عبر القرون الفرعونية والبطلمية والرومانية و الإسلامية إلى مئات الآلاف من البرديات التى تقدم لنا التفاصيل الدقيقة للحياة اليومية، ونظم الحكم والعلوم الآداب وشتى فروع المعرفة، وبذلك تتميز مصر عن بقية دول العالم القديم والمتحضر، وحول "انتشار البردى فى العالم القديم" يؤكد الدكتور سيد محمد عمر أن نباتى البردى كان ينمو بكثرة فى مصر منذ عصور ما قبل التاريخ فى مستنقعات وادى النيل، ويخبرنا سترابو" Strabo " إن نبات البردى كان ينمو فى نهر النيجر، كما يخبرنا بلينيوس "plinius " أنه كان ينمو فى نهر النيجر،ويذكر ثيو فراستوس أنه كان ينمو فى بحيرة طبرية بفلسطين فى القرن الرابع ق.م، ويبدو أن نبات البردى لم يكن ينمو فى وادى دجلة والفرات، إلا أن السليوفيين الذين حكموا بابل فى الفترة من ما بين 300و150 ق.م خلبوا معهم نبات البردى من فلسطين ليضمنوا الحصول على ورق البردى بسبب الحروب المستمرة بينهم وبين البطالمة فى مصر، أما فى اليونان وإيطاليا فتم الاعتماد على استيراد ورق البردى إلى صقلية حتى يضمنوا الحصول على أوراق البردى، ويضيف الدكتور سيد محمد عمر أن العالم الإغريقى بدأ يستخدم أوراق البردى المصرى ابتداء من القرن السادس ق.م، وهناك اعتقاد من العلماء أن لفائف البردى قد نقلت إلى روما من مصر فى بداية العصر البطلمى تقريباً، ونتيجة لتوسع الإمبراطورية الرومانية انتشرت أيضا صناعة أوراق البردى واستعماله كمادة للكتابة فى حوض البحر الأبيض المتوسط، وحتى بعد الفتح العربى لمصر لم تتوقف تجارة البردى، وأثناء القرون السادس والسابع والثامن الميلادية كانت أوراق البردى تصدر إلى مرسيليا ومنها إلى بلاد الفال، كما استخدم فى جميع أنحاء فرنسا حتى عام 787 م.
أما عن كبار موظفى الفاتيكان فى روما فقد ظلوا يستخدمون أوراق البردى المستورد من مصر حتى عام 1087 م، وفى إسبانيا يرجع آخر نص مكتوب على ورق بردى إلى عام 1017 م، وفى جزيرة صقلية وجنوب إيطاليا استعمل البردى حتى القرن الحادى عشر، وربما الثانى عشر الميلادى، ويكتب لنا إنستاثيوس"Enstasthius " فى القسطنطينية فى الربع الثالث من القرن الثانى عشر الميلادى، أن صناعة ورق البردى أصبحت فناً مفقوداً.
استخدمات متعددة
تعد الوثائق البردية من نتاج علم الآثار وجهود الأثريين فى القرن التاسع عشر، وبفضل ما احتفظت به مصر من ثروة مذهلة ضخمة من أوراق البردى، كما احتفظت بكثير من مظاهر العمران والحضارة بفضل بنيتها وتربتها الجافة، خاصة فى القسم الجنوبى من البلاد، ذلك أن الحفريات أسفرت عن مئات من أوراق البردى التى بقى بعضها داخل مصر، والكثير موجود الآن فى المتاحف العالمية، وبجانب الموضوعات الأدبية والعلمية التى وجدت علتها، توجد موضوعات غير تقليدية كتبها المصرى القديم، لتلعب دوراً معيناً فى حياة الشعب المصرى، ومن هذه الموضوعات كما يذكر لنا الدكتور سعيد جابر جوهرى فى بحثه الموضوعات الغير تقليدية على أوراق البردى المصرى القديم، حيث تعتبر الحضارة المصرية من أغنى الحضارات القديمة من حيث الكم الهائل من أوراق البردى التى احتوت على موضوعة أدبية وعلمية لم تشهدها كثير من الحضارات المعاصرة.
ولكن هناك موضوعات غير تقليدية كتبها المصرى القديم لتلعب دور معين فى حياة الشعب المصرى، ومن هذه الموضوعات ما كتب ليلهب حماس الشاب المصرى لينخرط فى الجيش ليدافع عن بلاده وقت الحرب، ومنها الموضوعات الخاصة بالتعليم للقضاء على الأمية، كى يتمكن الشخص من أن يعتلى السلم الوظيفى بسهولة، والحث على العمل للقضاء على البطالة والنهوض بالبلاد والحفاظ على القيم والمبادئ والتقاليد.
هذا ولابد من الإشارة إلى النصوص ذات الصبغة التجارية والخاصة بعقد الصفقات وبنود الاتفاق بين الاشخاص المتعاقدين، وموضوعات أخرى خاصة بالحياة الاجتماعية من زواج وطلاق، والميراث وطريقة توزيعه بعد الوفاة.
وهناك أيضاً الوثائق المكتوبة بالخط الهيراطيقى والمسجلة على البردى، التى تكشف كما يقول الدكتور محمد صلاح الخولى عن "صور من الحياة الاجتماعية فى مصر القديمة من خلال الوثائق الهيراطيقية" عن علاقات الود والتراحم بين أفراد الأسرة وما يكشف أيضاً عن بعض العادات والتقاليد التى كانت سائدة فى المجتمع المصرى القديم، ومازلنا نراها مستمرة حتى أيامنا هذه فى مجتمعنا الحالى، أيضاً توجد وثائق قضائية خاصة بالمنازعات الشخصية، ووثائق تكشف عن بعض جوانب الفساد أو الخلل فى الإدارة فى بعض الفترات، وأنها فى الوقتذاته لم تكن تمر دون حساب.
البرديات القانونية من العصر الديموطيقى
وتحدثنا الباحثة علا العجيزى عن:" البرديات القانونية من العصر الديموطيقى" فمنذ عصر الأسرة السادسة والعشرين فى عهد الملك بسماتيك الأول أول ملوك هذه الأسرة(664- 610 ق.م) بدأت النصوص الإدارية فى مصر الوسطى تُسجل بخط جديد متطور أيضا من الهيراطيقية(2).
وقد أصبح الخط الديموطيقى هو الخط الإدارى والقانونى الرسمى للدولة بأكملها منذ عهد الملط أيعحمس(570- 526 ق.م).
وظل البردى مستخدما كأهم مادة للكتابة فى هذه الفترة طوال العصرين اليونانى والرومانى.
وكان الكاتب المصرى القديم عند كتابته على البردى يستخدم بوصة ذات حافة مفلطحة ومائلة تعمل كالفرشاة، الأمر الذى يجعل الخط يظهر متنوعا فى سمكه، وقد ظلت هذه البوصة مستخدمة فى كتابة النصوص الديموطيقية فى العصر البطلمى وفى بعض النصوص اليونانية التى كان كتبها مصريا. أما النصوص اليونانية بصفة عامة فكانت تكتب بقلم من البوص مدبب الحافة يعمل كالقلم المستخدم فى الوقت الحالى(Calamus)، مما يجعل الخط يظهر رفيعا ومتساويا فى سمكه.
ومنذ أواخر العصر البطلمى بدأت النصوص الديموطيقية تُكتب بالقلم اليونانى. واستمر استخدام هذا القلم فى العصر الرومانى أيضا.
أما عن البرديات الديموطيقية فتشمل على
*وثيقة تسجل الأحكام التى يجب تطبيقها فى حالة نشوب منازعات بين الأفراد، والإجراءات التى يجب اتباعها لحل هذه المنازعات، وقد عرفت هذه الوثيقة باسم "تشريعات الأشمونين"، وتؤرخ بالقرن الثالث قبل الميلاد.
*الوثائق الخاصة التى تسجل التعاملات القانونية بين الأفراد، وغالبا ما تخص أفراد العائلة الواحدة وتحفظ فى سجلات(أرشيف) العائلة، لتثبت حق ملكية الفرد لعقار ما عن طريق الشراء أو التنازل أو الهبة أو القرض أو الرهن أو الميراث، ومن بين هذه الوثائق الخاصة وثائق الزواج التى تثبت واجبات الزوج وحقوق الزوجة، وبالمثل وثائق الطلاق، وما يترتب عليه من تنازلات، ومن الوثائق الأخرى وثائق التعهد التى تشير إلى كيفية التعامل بين الجيران، بحيث لا يتعدى الجار على حق جاره عند إقامته لبعض الاصلاحات أو الإضافات فى منزله، وعدم إعاقة النور والهواء عن جاره.
* الوثائق التى تتعامل مع الإدارات المختلفة(الدولة أو المعبد)، ويهمنا هنا تلك المسجلة على البردى، والتى تتعامل مع المعبد وتخص المجمعات الكنوتية. تذكر هذه الوثائق القواعد المنظمة لهذه المجمعات وشروط الانضمام إليها وواجبات كل فرد تجاه زميله فيها. ومن تلك الوثائق أيضا ما يسجل الإجراءات المتبعة فى بيت القضاء عندما يرفع الأطراف دعوى ضد الطرف الآخر ويتقدم بها أمام القضاة.
وقد ساعدت دراسة هذه الوثائق فى التعرف على بعض جوانب القانون المصرى المتبع فى هذه الفترة، كما ألقت الضوء على كثير من جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والمعاملات بين الأفراد.
البرديات الطبية من مصر القديمة
معظم معلوماتنا عن الطب المصرى القديم نستمدها من خمس عشرة بردية مشهورة وبعض الأوستراكا (شقف الفخار المكتوبة) التى تم العثور عليها خلال القرنين الماضيين، كما نستمد جانبا من معلوماتنا من مصادر أخرى مثل نقوش المعابد والمقابر، أو من البرديات غير الطبية(الخطابات- الشعر)، وكذلك من بعض الكتابات اليونانية.
وحول"البرديات الطبية من مصر القديمة" ويشرح لنا الباحث محمد رفيق خليل كيف تتناول البرديات كثيرا من الموضوعات الطبية: بناء جسم الإنسان، وصف الأمراض إكلينيكيا، العقاقير الطبية، أساليب علاج الكسور والكدمات. هذا إلى جانب تلاوة العبارات السحرية والأدعية. وتختص بعض البرديات فى مجال طبى واحد(مثل بردية كاهون فى أمراض النساء، وبردية هيرست فى الأمراض الباطنية، بردية سميث فى الجراحة). ومعظم البرديات الطبية كُتبت بالهيراطيقية زمن الدولة الحديثة، ولكن بعضها كُتب زمن الدولة الوسطى، إلى جانب إشارات يمكن إرجاعها إلى كتابات وأدوية من الدولة القديمة.
وتعتمد دراسة الطب المصرى القديم أساسا على برديات إيبرز وأدوين سميث وكاهون وهيرست باعتبارها تتضمن معظم المعلومات العلمية، ومع ذلك فنحن ندرس البرديات الأخرى والأورستراكا(شقف الفخار المكتوبة) ودراسة ما قد يتم كشفه من برديات فى المستقبل، بهدف استيضاح كثير من النقاط الغامضة فى معلوماتنا عن الطب المصرى القديم.
البردى اليونانى والتاريخ المصرى
إن العلم البردى رغم كتابته باللغة اليونانية، فإنه يمثل تراثاً وتاريخاً مصرياً فى الأغلب الأعم، حيث الكم الأعظم من الوثائق البردية اليونانية من مصر عن فترة كانت فيها اللغة اليونانية هى اللغة الرسمية لمصر على مدى أكثر من ألف عام منذ دخول الإسكندر الأكبر عام 331 ق.م حتى بعد الفتح العربى لمصر عام 641 م.
ويذكر الدكتور محمد السيد عبد الغنى فى بحثه حول " أهمية دراسة البردى اليونانى" أن من أهم الوثائق البردية اليونانية والاقتصادية و الاجتماعية والحضارية فى مصر خصوصاً والعالم اليونانى والرومانى عموماً فى الفترة المذكورة، ولعل من أهمها:وثيقة عقد زواج لأطراف يونانية فى مصر من أواخر القرن الرابع ق.م ،والتى تعد أقدم وثيقة يونانية من مصر على الأرجح، كذلك وثيقة عوائد الدخل الملكى من عصر ثانى ملوك البطالمة التى تلقى ضوءاً مركزاًعلى نظام الاحتكارات الماكية والاقتصاد الملكى للبطالمة.
أما عن فترة الحكم الرومانى لمصر، فهناك فيض من الوثائق اليونانية تلقى أضواء مهمة على كافة جوانب الحياة المصرية من تلك الفترة، لكن تبقى بعض برديات فى غاية الأهمية تمثل معالم بارزة فى هذا السياق لعل من أهمها (الأيديوجلوس)، التى تبين شرائح المجتمع المصرى، ووضعها الاجتماعى والاقتصادى تحت حكم الرومان فى بنود قاطعة تكرس أوضاعاً قانونية، فيها كثير من الازدراء للمصريين، ورفعة وتوقير للرومان واليونان على حساب أهل البلاد.
أيضاً من أهم الوثائق البردية اليونانية من مصر، تلك الوثيقة التى حفظت لنا كتاب "دستور الاثنين" المنسوب إلى أرسطو مفقوداً، والذى أشار إليه فى مواقع عديدة من كتابه "السياسة"، وقد كان هذا المؤلف لأرسطو إلى أن تم العثور عليه فى لفافة بردية مصرية من أواخر القرن التاسع عشر، وبذلك أضيف إلى رصيد المعرفة الأرسطية حلقة مهمة بنية التواصل الحضارى فى العالم القديمة.
وقد ترجم الدكتور طه حسين هذا العمل إلى اللغة العربية تحت عنوان "نظام الاثنين".
رؤية مستقبلية
هناك ثلاثة معطيات تقوم عليها الرؤية المستقبلية للدراسات البردية، حددتها الدكتورة عليه حنفى فى بحثها حول " نحو رؤية مستقبلية للدراسات البردية فى مصر" وهى :الأهمية الهدف، ثم الطرق للرؤية المستقبلية.
الأهمية
ربما الإسهاب بعض الشئ فى بيان أهمية علم البردى والدراسات البردية يحقق لنا مدى أهمية وضع رؤية مستقبلية لهذه الدراسات.
فمن المعروف أن التراث البردى يدخل فى التركيب التاريخى لمصر، إذ له شأن بالحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. ويستعين به العلماء فى تخصصاتهم المختلفة، إذ يساهم علم البردى فى الدراسات اللاهوتية، وتاريخ العقائد، والدراسات الأدبية، والاقتصادية والاجتماعية وتاريخ القانون واللغات وعلم القواميس والعلوم والرياضيات والطب والسحر والموسيقى والاختزال..إلخ.
الهدف
وتأسيسا على ذلك نتصور أن إقامة مراكز للدراسات البردية فى مصر أسوة بما قامت به جامعة عين شمس، والتى يمكن أن تكون نموذجا معياريا يمكن الاهتداء به فى تاسيس المراكز الأخرى، هى مطلب أساسى، لأن البردى يعتبر مصدرا رئيسيا من مصادر المعلومات التى تبرز تاريخ الحضارة المصرية كما أشرنا.
الرؤية المستقبلية
بعد إنشاء مركز الدراسات البردية فى جامعة عين شمس عام 1980م، وهو يعتبر المركز الوحيد ليس فى مصر وحدها بل فى الشرق الأوسط كله، قام المركز بدعوة الأقسام بكلية الآداب، ومناشدتهم الاهتمام بعلم البردى، فتم إدخال مقرر علم البردى فى أقسام مختلفة بكلية الآداب، مثل قسم التاريخ، وقسم الآثار، وقسم اللغة العبرية، بالإضافة إلى قسم الحضارة الأوربية القديمة. ونأمل فى أن تبدأ الجامعات الأخرى السير فى الطريق ذاته.
بدأ قسم الحضارة الأوربية القديمة بآداب عين شمس فى إعداد أجيال جديدة تنهج هذا الطريق. وقد تكون فريق لا بأس به لنشر البرديات اليونانية غير المنشورة فى العقد الأخير، ونحن نأمل فى تكوين فرق من الباحثين فى مجال الدراسات البردية فى التخصصات الأخرى، وبالذات العربية والآرامية.
تأتى الجامعة على قمة منظومة التعليم فى أى مجتمع، وهى مؤسسة علمية أولا، تعليمية ثانيا، تتعامل مع أرفع مستويات المعرفة والمهارة وتتفاعل مع متطلبات العصر، وتستشرق آفاق المستقبل وتحدياته. لذلك فهى مطالبة بإنشاء معاهد للدراسات البردية، مع تقديم النموذج المحتذى فى هذا المجال، ويسعدنى أن أنوه هنا بأن مركز الدراسات البردية والنقوش بجامعة عين شمس بدأ فى إنشاء معهد للدراسات البردية بجانب المركز، ونحن فى مجال إعداد لائحته الآن.
حيث إن وثائق البردى هى تراث مصرى أصيل، كما تعتبر سجل للتاريخ والحضارة المصرية، ولا يشارك مصر هذا التراث أمة أخرى على الإطلاق، ومن ثم فإن الدراسات التى يقوم بها الباحثون فى هذا المجال فضلا عن أنها دراسات أكاديمية إلا أنها تعمق الوعى القومى بعظمة الحضارة المصرية

0 تعليق على موضوع "ورق البردي الفرعوني المصري"


الإبتساماتإخفاء