فارس غرناطة الأخير |
- كانت غرناطة آخر حواضر الإسلام فى الأندلس ، وكان لقائد فرسانها (موسى بن أبى الغسان) صولات مظفرة على حصون النصارى رغم استكانة حاكمها (أبى عبد الله الصغير) ، وحين بعث ملك النصارى (فرناندو الخامس) يطلب من حاكم غرناطة تسليم الحمراء قال (موسى) : "ليعلم ملك النصارى أن العربى قد وُلد للجواد والرمح ، فإذا طمح إلى سيوفنا فليكسبها غالية ، أما أنا فخير لى قبر تحت أنقاض غرناطة فى المكان الذى أموت مدافعاً عنه "
- فى عام 896هـ (1491م) حاصر النصارى غرناطة بحراً وبراً ، ولم يكن هناك أمل فى عون إمارات المغرب المتفككة ، واشتد البلاء والجوع ودبّ اليأس فى قلوب الجند والعامة وقرر (أبو عبد الله الصغير) أن الاستمرار فى الدفاع عبث لا جدوى منه ! لكن (موسى) جمع الفرسان وخرجت غرناطة كلها وراءه ، ونشبت بين المسلمين والنصارى معارك دموية أبلى المسلمون فيها بلاءًا حسنا ولكن مع قلة العتاد ونقص المؤن انهارت صفوفهم وتقهقروا إلى داخل غرناطة ،
- مضت 7 شهور من الحصار ويأس أهل غرناطة وهم يغالبون الأهوال والجوع والمرض والحرمان ، حيث لم يبق من الأندلس سوى غرناطة وهى مجرد مدينة تسبح فى بحر من النصارى الحاقدين ؛ فكأن المدينة الباسلة كانت تسير إلى نهايتها المحتومة منذ أن بدأ سقوط شمال الأندلس قبل قرنين ، واتفق الجميع على التسليم إلا واحداً هو (موسى) الذى اعترض وحاول أن يبعث بكلماته الملتهبة الحماسة فى النفوس ،
- كانت الأحداثُ أكبرَ من كل الكلمات والحصارُ سيدُ الموقف فضاعت صيحة (ابن أبى الغسان) فى الفضاء بسبب ما اعترى الزعماء والقادة حوله من ضعف وجنوح إلى المساومة والأطماع والمآرب الخاصة ورغبة العامة فى فك الحصار والخلاص من الجوع والمرض ، ولم يتبقَّ من الأمر إلا التوقيع على وثيقة تسليم غرناطة فى المحرم 897هـ ،
- حين اجتمع الزعماء ليوقعوا وثيقة التسليم بكى بعضهم فصاح موسى فيهم: "اتركوا العويل للنساء والأطفال ، فنحن لنا قلوب لم تُخلق لإرسال الدمع ولكن لتقطر الدماء" ومرةً أخرى لم يجاوبه إلا الصمت والحزن ، وبدأ التوقيع على وثيقة التسليم ، فراح صوته يرتفع فى غضب مدويا: "إن الموت أقلُ ما نخشى ، فأمامنا نهب مدننا وتدميرها وتدنيس مساجدنا وأمامنا الجور الفاحش والسياط والأغلال والأنطاع والمحارق ، وهذا ما سوف تراه تلك النفوس الوضيعة التى تخشى الآن الموت الشريف ، أما أنا فوالله لن أراه" ثم غادر المجلس حزيناً وذهب إلى بيته فلبس لباس الحرب وامتطى صهوة جواده واخترق شوارع غرناطة ولم يرَهُ أحد بعد ذلك
- أورد الأستاذ عبد الله عنان رواية لمؤرخ إسبانى يذكر أن (موسى) التقى بعد خروجه من غرناطة على ضفة نهر شنيل سريةً من فرسان النصارى فانقض عليها قتلاً وطعناً فى بسالة نادرة حتى أُصيب بجرح نافذ وسقط جواده من تحته بطعنة رمح ، ولكنه لم يستسلم وراح يدافع النصارى بخنجره حتى خارت قواه ولما كانت نفسه الأبية لا تطيق الوقوع فى أسر النصارى ألقى بنفسه إلى النهر.
.
المصادر :👇📕📙📚📚📚📙📕📚
كتاب تاريخ إبن خلدون رحمه الله.
وكتاب تاريخ ابن عساكر رحمه الله.
.
0 تعليق على موضوع "فارس غرناطة الأخير"
الإبتساماتإخفاء