سحر الصفيفات الميكروية DNA microarray

الكاتب بتاريخ عدد التعليقات : 0
سحر الصفيفات الميكروية

شرعت الأدوات البحثية، التي تُعرف بصفيفات الدنا الميكروية،

في توضيح الأصول الجزيئية للصحة والمرض وتسريع اكتشاف الأدوية.

وقد تسرع أيضا إدخال خطط المعالجات التي تُفصَّل وفقا لاحتياجات كل مريض

 بدلا من مقاربة العلاج الواحد الذي يوصف بشكل عام لجميع المرضى.

<H .S.فرِنْد> ـ <B .R.ستوين>



يستجيب في البداية معظم الناس الذين يكابدون سرطانا، يعرف بالورم اللمفي المنتشر للخلايا البائية الكبيرة، استجابة حسنة للمعالجة المعيارية. ومع هذا، ففي أكثر من نصف الحالات، يعود السرطان ثانية شرسا وقاتلا. ولزمن طويل، افترض الأطباء أن السبب في الموت السريع لبعض المرضى، وفي مقاومة بعضهم الآخر، إنما يرجع إلى أن المرض يأخذ في الحقيقة أشكالا مختلفة، تنجم عن شذوذات جزيئية متميزة. ولم يكن أمام الباحثين، قبل عامين فقط، أي وسيلة كي يتبينوا أولئك المصابين بأشد أشكال هذا السرطان ضراوة (فَوْعة)، والذين هم بحاجة إلى اللجوء إلى أكثر المعالجات مجازفة وأشدها تركيزا.



وفجأة اخترقت الطريق المسدود أداة استثنائية، عُرفت بصفيف(1) الدنا الميكروي DNA microarray (أو شيپة الدنا DNA chip). لقد مكنت هذه الأداة فريقا من الباحثين [من المعاهد الوطنية للصحة وجامعة ستانفورد ومختبرات أخرى] من التمييز بين المرضى الذين قضى عليهم المرض وأولئك الذين قاوموه، استنادا إلى فروق في النمط الإجمالي لنشاط مئات الجينات التي توجد في خلاياهم الخبيثة لحظة التشخيص. ويفترض أن يتمخض هذا الإنجاز عن اختبار تشخيصي يمكِّن من تعرف مرضى الدرجات القصوى من الخطورة.



ومع أن استخدام صفيفات الدنا الميكروية تجاريا تم أول مرة عام 1996، فإنها تمثل حاليا عماد أبحاث اكتشاف الأدوية؛ كما أن أكثر من عشرين شركة تبيع هذه الصفيفات أو الأدوات أو البرامج اللازمة لتفسير المعلومات التي توفرها هذه الصفيفات. وكذلك شرعت هذه الوسائل في إدخال ثورة في الكيفية التي يستكشف بوساطتها العلماء الطريقة التي تعمل بها الخلايا السوية في الجسم والشذوذات الجزيئية التي تقف وراء الاعتلالات الصحية. وفضلا على ذلك، فإن هذه الأدوات تعد بتمهيد السبيل لتشخيص أسرع وأدق لحالات مرضية عديدة، وبمساعدة الأطباء على جعل الرعاية الطبية شخصية؛ أي إن المعالجة تفصَّل وفقا للشكل الدقيق للمرض لكل شخص على حدة، ولانتقاء الأدوية التي ترجح أفضليتها والتي تحدث تأثيرات جانبية أقل حدة لدى ذلك الشخص.



بنى بالغة الصغر(**)

وتأخذ الصفيفات تنوعات عديدة، ولكن جميعها يُقيِّم تركيب المادة الوراثية في عينة نسيجية ما، وتتألف بكاملها من هيكل مكون من بقع ميكروية من جزيئات الدنا الأحادية الشريطة (المسابير)، تتوضع على شيپة لا تزيد مساحة سطحها غالبا على بصمة الإبهام. وتستغل هذه الشيپات، أيضا، خاصيةً عمليةً للدنا: تشافع القواعد التتامي(2).



إن الدنا هو المادة التي تشكل الجينات الموجودة في الخلايا البشرية، والتي يتجاوز عددها 30 ألف جينة؛ أي تسلسلات الكود (الراموز) التي تشكل النُّسَخ الأولية blueprints للپروتينات. وتُبنى هذه التسلسلات من أربع لبنات، يشار إلى كل منها عادة بالحرف الأول من القاعدة الكيميائية المميزة لها؛ أي A (أدنين) وC (سيتوزين) وG (گوانين) وT (ثَيْمِين). إن القاعدة A في الشريطة الواحدة من الدنا تتشافع فقط مع T (متممة A) في الشريطة الأخرى، وإن C تتشافع فقط مع G.



لهذا السبب، إذا ما ترابط جزيء من الدنا، استُخلص من نسيج ما، بمسبار له التسلسل ATCGGC، فبإمكان الباحث أن يستنتج أن لجزيء الدنا من العينة النسيجية التسلسل التتامي TAGCCG. كما أن جزيء الرنا RNA، القريب كيميائيا من الدنا، يتبع على نحو صارم مبدأ تشافع القواعد نفسه عندما يترابط بالدنا. وبذلك فإنه يمكن استنتاج تسلسل أي شريطة من الرنا تتشافع على الصفيف الميكروي مع تسلسل الدنا.



ولسنوات عديدة شكلت تفاعلات تشافع القواعد التتامي أساسا لعدد كبير من الاختبارات البيولوجية. ولكن مما يثير الدهشة أن بوسع صفيفات الدنا الميكروية أن تقتفي (على التوازي) أثر عشرات الآلاف من تلك التفاعلات على شيپة واحدة. ولقد غدا اقتفاء الأثر ممكنا لأن كل نوع من المسابير (سواء كان جينة أو تسلسلا أقصر مكودا) يتوضع في بقعة مسبقة التحديد من شبيكةgrid تشبه رقعة الشطرنج، توجد على الشيپة. ولأن جزيئات الدنا أو الرنا التي تُصب فوق الصفيف تحمل عُلاّمة متألقة أو وسما من نوع ما، فإنه يمكن كشفها بجهاز ماسح. وما إن يتم مسح scanning الشيپة، حتى يحول حاسوبٌ البياناتِ الأولية إلى الأحرف (الرموز) الأربعة التي تقرأ مباشرة وفقًا لألوانها.



ويتوخى العلماء، من اعتمادهم على صفيفات الدنا الميكروية، هدفين مختلفين كليا. فيتم، في ما يعرف بتطبيقات النمط الجيني، مقارنة الدنا الموجود على الشيپة بدنا عينة نسيجية لتحديد أي الجينات توجد في العينة، أو لمعرفة ترتيب الأحرف الكودية في شرائط من الدنا لم تتم سَلسَلتها بعد. ولكن كثيرا ما يستعمل الباحثون هذه الأيام الأجهزة ليس لمجرد تحديد وجود الجينات أو تتالياتها في عينة ما، بل لتحديد التعبير (أي مستوى النشاط) العائد لتلك الجينات. ويقال إن الجينة تعبر عن نفسها عندما تُنتسخ إلى رنا مرسال mRNA وتترجم إلى پروتين. وتمثل جزيئات الرنا المرسال النسخ المتحركة للجينات وتعمل كقوالب templates لصنع الپروتين.



صائدو الجينات(***)

واستعمل الباحثون مقاربة النمط الجيني لمقارنة الجينات في كائنات حية مختلفة (للعثور على مفاتيح التأريخ التطوري لهذه الكائنات، على سبيل المثال)، وأيضا لمقارنة الجينات في الأورام بمثيلاتها في النسج السوية (للكشف عن فروق دقيقة سواء في تركيب الجينات أو في عددها). وقد تغدو في يوم ما مقارنة الجينات الموجودة على شيپات الدنا ذات فائدة كبيرة في الممارسة الطبية أيضا.



تظهر أنماط نقطية عندما تحلل صفيفات الدنا DNA الميكروية عيناتٍ نسيجية. ويوما ما قد تساعد الفروق الفردية

في هذه الأنماط الأطباء على جعل المعالجة متوافقة مع الاحتياجات المتفردة لكل مريض.



فقد تُمكِّن الصفيفات المتقنة التصميم، مثلا، من تحديد السبب الحقيقي في العدوى (الخمج) لدى مريض لا تشير الأعراض الشبيهة بالإنفلونزا (النزلة الوافدة) لديه (كالأوجاع والحمى المرتفعة وصعوبة التنفس) إلى مرض واضح المعالم. ويمكن تصفيفُ سطحٍ ما بدنا يمثل جينات تُصادَف حصرا في عوامل ممرضة محددة؛ كما يمكن للمختبر الطبي أن يستخلص الدنا ويَسِمه من عينة نسيجية مصابة بالعدوى (مخموجة) أُخذت من مسالك المريض الأنفية. وسيشير ترابط دنا المريض بتسلسل جينيٍّ ما على الشيپة إلى العامل الممرض المسؤول. وبالمماثلة، فإن شيپات يُجرى تطويرها حاليا، قد تنبئ بأن إرهابيا (يستعمل سلاحا بيولوجيا) قد نشر بين السكان أنماطا معينة من الجمرة الخبيثة أو جراثيم أخرى دخيلة.



ولحسن الطالع أو سوئه، يمكن للصفيفات الميكروية الكاشفة عن الجينات أن تحدد النزوع (الميل) الوراثي لفرد ما نحو الإصابة بعدد كبير من الاعتلالات. ولعل معظم الفروق الوراثية بين الأفراد تأخذ شكلا يُعرف بتعدد الأشكال العائد لنيوكليوتيد (نوويد) واحد(3) single nucleotide polymorphims (اختصارا SNPs، وتلفظ «سنيپس» snips)، حيث يحل حرف واحد من أحرف الدنا الأربعة محل آخر. ويمكن بناء شيپة تحمل أشكالا مغايرة variants من جينة مرتبطة بمرض ما، للكشف عن السنيپس SNPs الخاص بفرد من الأفراد، ومن ثم التنبؤ بأرجحية إصابته بداء ألزايمر أو الداء السكري أو سرطانات معينة... إلخ. ويمكن عندئذ مراقبة هؤلاء الأفراد المعرضين لمستويات عالية من المخاطر مراقبة دقيقة، وخصهم بعناية وقائية مركزة والتدخل العلاجي في وقت مبكر. وسيظل أمر قبول الجمهور لهذه الأنواع من الاختبارات موضع جدل دائما، ذلك أن المعلومات التي ستتمخض عنها هذه الاختبارات قد تزيد من قلق الأفراد، وقد تؤدي إلى ممارسة التفرقة من قبل أرباب العمل وشركات التأمين.



وتزودنا شيپات «السنيپ» بمعلومات إضافية قيمة، لا تشكل تهديدا لحالة الأفراد العقلية أو لإمكان توظيفهم أو لأهليتهم للتأمين. وتتدخل متغايرات (أشكال مغايرة) الجينات التي نمتلكها في كيفية تعامُل أجسادنا مع الأدوية التي نتناولها، والتي تؤثر بدورها في فاعلية الأدوية وفي شدة الأعراض الجانبية التي تستثيرها. وسوف تساعد الشيپات التي تبرز حساسيتنا الوراثية (التي يتفرد بها كل منا) الأطباء على اختيار الأدوية ذات الأداء الأمثل لكل واحد منا، والتي يترافق استعمالها مع أقل قدر ممكن من الأخطار الذاتية. وقد تساعد أيضا شيپات «السنيپ» (التي تكشف عن الطفرات الجينية التي تعزز ضراوة الأورام) مختصي علم الأمراض (المَرَضِيّات) على تحديد ما إذا كانت الأورام الحميدة المظهر هي في الحقيقة أشد ضراوة مما يبينه التحليل المجهري التقليدي. ويُدرس بالفعل نوعا الصفيفات بغية استعمالهما في الرعاية الطبية.



وإضافة إلى الإثارة التي ولدتها هذه التطبيقات، فإن الاستعمال الرئيسي الآخر للصفيفات الذي يتمثل في تفريز (صياغة) التعبيرات expression profiling هو الذي أسر على نحو متزايد اهتمام الباحثين خلال السنوات القليلة الماضية. وينتج العاملون في المختبرات هذه الصيغ التعبيرية بقياسهم كميات أنواع الرنا المرسال المختلفة في عينة من النسج. ويمكن القول عموما إنه كلما زاد عدد نسخ الرنا المرسال التي تصنعها الخلية، زاد عدد نسخ الپروتين التي تنتجها. ولذا، فإن كميات أنواع الرنا المرسال المختلفة في عينة ما تشير على نحو غير مباشر إلى أنواع الپروتينات الموجودة وكمياتها. وغالبا ما ترجع أهمية الپروتينات إلى أنها تنجز معظم أنشطة خلايا جسمنا ونُسُجه، وتضبط هذه الأنشطة. ويتم حاليا تطوير شيپات تقيس قياسا مباشرا مستويات الپروتينات [انظر الإطار في الصفحة 68]، ولكن بناء هذه الشيپات لايزال أمرا صعبا.



وبوسع العلماء (باستعمالهم الجينوم كوسادة مِحَسِّية sensor pad للكشف عن التغيرات في نشاط الجينات المختلفة في خلية ما) الحصول على «لقطات» snapshots تفصيلية متقنة لكيفية تغير وظائف الخلية نتيجة تناول الأدوية أو حدوث الإصابة المرضية. إن معرفتنا النمط الإجمالي لتفعيل نشاط الجينات وإيقافه في عينة ما، قد يكون بالفعل أكثر فائدة من معرفتنا أي جينات بعينها تنشط وتتوقف استجابة لتأثير ما. وفي مثل تلك الحالات (كما سنرى فيما بعد) فإن النمط يعمل بمثابة «توقيع» signature مكتوب بأسلوب الاختزال، يعكس الحالة الجزيئية لعينة نسيجية ما تحت ظروف معينة.



لقد أثبتت صياغة التعبيرات أنها ذات قيمة كبرى من نواح عدة. ويحبذها علماء بيولوجيا الخلية، لأن معرفة الپروتينات التي تسود في نسيج ما تم تعريضه لظروف مختلفة، يمكن أن تعمق فهمنا لمعرفة كنه الاختلالات التي يحدثها تطور الأمراض والكيفية التي يعوض بها النسيج عادة عن هذه الاختلالات.



الصفيفات الميكروية/ نظرة إجمالية(****)

■ يمكن لصفيفات الدنا DNA الميكروية (وتُعرف أيضا بشيپات الدنا أو الشيپات الجينية) أن تقتفي (على التوازي) أثر عشرات الآلاف من التفاعلات الجزيئية على شيپة أصغر من الشريحة المجهرية. وبالإمكان تصميم الشيپات لتكشف عن جينات نوعية أو لتقيس نشاط الجينات في العينات النسيجية.

■ لقد أثبتت هذه الخصائص أهميتها الكبيرة لعلماء بيولوجيا الخلية، والعلماء الذين يدرسون أصول السرطان والأمراض الأخرى المعقدة، وكذلك لباحثي الأدوية. كما أن الصفيفات الميكروية هي الآن قيد الدراسة كي تستعمل أدوات للتشخيص والإنذار السريعين.

■ ويتم أيضا تطوير صفيفات للپروتين، يؤمل كثيرا أن تصبح وسائل تشخيصية، وأن تساعد على تقدم الأبحاث البيولوجية.

■ وينبغي أن تساعد المعلومات البحثية والتشخيصية ـ التي تُستقى من شيپات الدنا، ومن صفيفات الپروتينات ـ الأطباء، في نهاية المطاف، على تقديم معالجات مصممة لكل فرد على حدة.



ويستعمل هؤلاء العلماء أيضا صفيفات التعبير لفهم وظائف الجينات التي اكتشفت نتيجة للسَّلسلة التي تمت حديثا لمعظم الدنا في نواة الخلية البشرية. ومع أن تقنيات عديدة، لا تستعمل الصفيفات الميكروية، تستطيع تحديد وظائف الجينات الجديدة المكتشفة (وبتعبير أدق، تحديد الپروتينات التي تكودها تلك الجينات)، فإن تلك المقاربات تفتقر إلى السرعة أو تحقيق الغرض منها أحيانا. وإذا استعمل ما صار يعرف بتطبيق التأثيم بسبب المخالطة(4)، فإن بوسع صفيفات التعبير أن تسد الفجوات، حتى في غياب أي فهم سابق لدور جينةٍ ما في وظائف الجسم.



ويقوم مبدأ هذه الطريقة على الإدراك بأن الجينة ليست مجرد جزيرة معزولة. فإذا كانت الجينات في نسيجٍ ما تعمل معا أو تتوقف معا استجابة لمؤثر ما (كدواء مثلا أو عدوى أو طفرة جينية محرَّضة)، فإن الباحثين يمكنهم أن يستنتجوا أن هذه الجينات التي تتشابه في تفعيلها وفي إيقافها تعمل وفقا للسبيل التنظيمي نفسه؛ أي إن هذه الجينات تعمل في آن معا، أو على التوالي، لتحرض حدوث الاستجابة الخلوية. وبإمكان الباحثين عندئذ أن يخمنوا تخمينا معقولا أن وظائف أي جينات في المجموعة، كانت تعتبر غامضة، تشابه وظائف الجينات التي سبق أن حددت مسؤولياتها الوظيفية.



كيف تعمل الصفيفات(*****)

بغية التعرف بسرعةٍ ما إذا كان لدواء جديد محتمل تأثير ضار في الكبد، بوسع الباحث أن يتبع الخطوات التالية للإجابة عن التساؤل: هل باستطاعة الدواء أن يحمل الجينات (النُّسَخ الأولية blueprints للپروتينات) في خلايا الكبد على تغيير نشاطها على نحو يعرف سلفا بأنه يسبب أو يعكس حدوث أذى كبدي؟ إن الإجابة ب«نعم» إشارة مثيرة للقلق.

1 حَضِّر (أو اشتر) صفيفا ميكرويا، أو شيپة، يحتوي على شريطة أحادية من الدنا DNA، تمثل آلاف الجينات المختلفة. خصِّص لكل واحدة منها بقعة نوعية على الأداة الصغيرة قياس x13بوصات، أو حتى أصغر من ذلك. اجعل كل بقعة تضم ما بين آلاف وملايين النسخ من شريطة الدنا.

2 احصل على عينتين من الخلايا الكبدية، وعالج عينة واحدة بالدواء المعني. اجمع من كل عينة جزيئات من الرنا المرسال mRNA ـ النسخ المتحركة للجينات، التي تعمل في الخلية كقوالب templates لتصنيع الپروتينات.

3 انسخ الرنا المرسال إلى الدنا التتامي cDNA الأكثر ثباتا، وأضف وَسْمين متألقين (أخضر للدنا المتمم المشتق من الخلايا غير المعالجة، وأحمر للمشتق من الخلايا المعالجة).

4 أضف نوعي الدنا التتامي إلى الشيپة. يحدث الترابط عندما يجد الدنا التتامي من العينة تسلسل القواعد التتامية على الشيپة (التفاصيل في اليمين). إن حدوث هذا الترابط يعني أن الجينة الممثلة بدنا الشيپة كانت ناشطة (أو عبرت عن نفسها) في العينة المدروسة.

5 ضع الشيپة على الماسح. اجعل الحاسوب يحسب نسبة الوسم الأحمر إلى الوسم الأخضر في كل بقعة من البقع (بهدف حساب التغيرات الكمية التي أحدثها الدواء في نشاط الجينات)، واحصل على بيان readout مكود ملون.

6 حدد إن كانت أي من الجينات قد استجابت بشدة إلى الدواء على نحو يعكس أو يحض على أذى كبدي معين. أو قارن نمط التعبير الإجمالي (التوقيع) الذي تنتجه الجينات ذات الاستجابات القوية بالأنماط (التواقيع) التي تنتجها لدى استجابتها لذيفانات كبدية معروفة (في اليمين). وسيشير التشابه القوي إلى أن الأدوية الجديدة المختبرة قد تكون هي الأخرى ذات فاعلية سمية. وتمثل كل بقعة في المخطط استجابة جينة بعينها للمركب المدروس.



ويفيد الباحثون في مجال الأدوية أيضا من طريقة «التأثيم بسبب المخالطة» لاكتشاف پروتينات لم يعرف عنها في ما سبق أنها تعمل في سُبل بيولوجية ذات علاقة بالأمراض. وما إن يتم العثور على تلك الپروتينات حتى يقوموا بجدولتها كأهداف لتطوير أدوية جديدة ذات فائدة أفضل.



ونذكر، كمثال، أن<S .P.لينسلي>[زميلنا في الشركة «روزيتا إنفارماتيكس»] رغب في تحديد أهداف جديدة لأدوية قد تكافح الاعتلالات الالتهابية، حيث يضل الجهاز المناعي طريقه، فيؤذي أجزاء معينة من الجسم. ولذا، تساءل <لينسلي> أيٌّ من جينات الخلايا الدموية البيض الخاصة بالجهاز المناعي تزيد، أو تنقص، من إنتاجها الپروتيني بالتوازي مع جينة پروتين يسمى إنترلوكين2(اختصارا IL-2) له علاقة وثيقة بالاعتلالات الالتهابية.



وحصل لينسلي على الإجابة بإنتاجه صيغا تعبيرية لخلايا دموية بيض تم تعريضها لكيميائيات متنوعة، ومن ثم حَدّد بدقة (بوساطة برنامج حاسوبي معقد يقوم بمضاهاة الأنماط) مجموعة من الجينات، تنشط دائما أو تتوقف دائما عند تفعيل جينة الإنترلوكين 2. وتضم هذه المجموعة جينة لم يسبق تحديد وظيفتها بطرائق أخرى. وفي الوقت نفسه تقريبا أكد باحثون [من معهد پاستور في فرنسا](على نحو مستقل، وباستعمال طرائق مختلفة) أن هذه الجينة تعمل ضمن مسار الإنترلوكين 2. ويشير مجمل هذه البيانات إلى أن الپروتين الذي تكوده الجينة قد يمثل هدفا جيدا للأدوية المضادة للالتهابات.



ويستعمل علماء الصيدلانيات صياغة التعبيرات بطريقة مختلفة؛ أي لتحديد الأدوية المرشحة والتي يرجح أن تكون ذات تأثيرات جانبية غير مقبولة، ومن ثم لاستبعادها. وإذا ما رغب الباحثون في أن يحددوا ما إذا كان مركبٌ ما يمكن أن يضر بالقلب مثلا، فإنهم يعمدون إلى جمع خلاصة وافية compendium للصيغ التعبيرية لخلايا قلب عُرّضت للأدوية المتاحة حاليا ولكيميائيات أخرى. وإذا ما عالجوا أيضا الخلايا القلبية بدواء مرشح قيد الدراسة، فباستطاعتهم عندئذ استخدام الحاسوب لمقارنة توقيعه signature بتواقيع المواد المدرجة في الخلاصة الوافية. وإذا ما ضاهى هذا التأثير تلك التأثيرات التي نتجت من مواد معروف فعلا أنها تعطل الخلايا القلبية فإن ذلك سيكون نذيرَ خطر.



إن الخلاصات الوافية للصيغ التعبيرية تساعد على تفسير السبب في أن دواءً ما ينتج تأثيرات جانبية خاصة. فمثلا، يُطرح سؤال ملحّ حاليا عن السبب الذي يؤدي بمثبطات الپروتياز، التي تنقذ عادة حياة المُعْدَيْن (المخموجين) بڤيروس عوز المناعة البشري "HIV" (الڤيروس الذي يسبب متلازمة عوز المناعة المكتسب ـ «الإيدز»)، إلى رفع مستويات الكولستيرول وثلاثيات الگليسريد (TG) في الدم، وإلى إعادة توزيع غريب لدهون الجسم، وإلى مقاومة فعل الأنسولين. واستنادا إلى إدراكنا أن الكبد يؤثر في إنتاج الليپيدات (المجموعة التي تضم الكولستيرول وثلاثيات الگليسريد) وتقويضها، وكذلك الپروتينات التي تحتوي على الليپيدات، قررنا [في مختبرات «روزيتا»، بالتعاون مع<G .R.أولريتش>ومجموعته في مختبرات «أبوت»] أن نتفحص ما إذا كان أحد مثبطات الپروتياز (المعروف باسم «ريتوناڤير ritonavir) ينتج بعض تأثيراته الجانبية من خلال تأثيره في الكبد.



صفيف من الشركات

نورد في ما يلي أسماء بعض الشركات التي تبيع منتجات، أو تقدم خدمات، ذات علاقة بالصفيفات، أو تقوم بتطويرها:

صفيفات الدنا DNA الميكروية

أفيمتريكس، سانتا كلارا، كاليفورنيا.

أجيلنت تكنولوجيز، پالو آلتو، كاليفورنيا.

أمرشام بيوساينس، پيسكاتاواي، نيو جرسي.

أكسون إنسترومنتس، يونيون سيتي، كاليفورنيا.

بيودسكاڤري، مارينا دل داي، كاليفورنيا.

كلونتك، پالو ألتو، كاليفورنيا.

جينوميكس سوليوشنز، آن آربر، متشيگان.

مِرْجن، سان ليندرو، كاليفورنيا.

موتورولا لايف ساينسز، نورثبروك، إلينوي.

نانوجن، سان دييگو، كاليفورنيا.

پارتك، سان پيترز، ميسوري.

پيركن ألمر، بوسطن، ماساتشوستس.

روزيتا إنفارماتيكس، كيركلاند، واشنطن.

سپوتفاير، كمبردج، ماساتشوستس.

ڤيرتك ڤيجن إنترناشيونال، أونتاريو، كندا.

صفيفات الپروتينات

بياكور إنترناشيونال، أوپسالا، السويد.

بيوسايت دياگنوستيكس، سان دييگو، كاليفورنيا.

سيفرجن، فريمونت، كاليفورنيا.

لارج سكيل بيولوجي، جيرمانتاون، ميريلاند.

وباستعمالنا صفيفا يمثل نحو 000 25 من جينات الجرذ، أنتجنا صيغا تعبيرية لنسيج كبد الجرذ عُرِّض لتشكيلة من المركبات التي يمكن أن تكون سامة للكبد. جمعنا بعدئذ المركبات وفقا لتشابهات تواقيع (تأثيرات) تعبيرها عبر نحو 2400 جينة، استجابت استجابة قوية لتأثير تلك المواد.



عالجنا، في إثر ذلك، أكباد الجرذان «بالريتوناڤير»، وقارنا صيغ التعبير (التواقيع) الناتجة بتلك التي ولَّدناها آنفا.



لقد اكتشفنا أن «الريتوناڤير» ينشط جيناتِ ـ يخمدها عادة ـ عامل عرف عنه تخفيضه لليپيدات. كما أن «الريتوناڤير» ينقص إنتاج الپروتينات التي تنتظم في صورة پروتيوزومات (البنى التي تقوض الپروتينات التي صارت عديمة النفع، بما في ذلك الأنواع المحتوية على الليپيدات). وتشير هذه الاكتشافات إلى أن «الريتوناڤير» يرفع ـ ولو جزئيا ـ مستوى الليپيدات في الكبد، ومن ثم في الدم، بتنشيطه تكوين الكبد لليپيدات، وبتثبيطه تقويضها للپروتينات المحتوية على الليپيدات. وستزودنا دراسة لاحقة ـ للكيفية الدقيقة التي يتآثر بها «الريتاناڤير» مع المسارات التي يُنتَج من خلالها الليپيدات والپروتيوزومات ـ بأفكار جديدة تساعد على إنقاص تأثيراته الجانبية.



التنبؤ بسير السرطان(******)

يُستشف من الأبحاث التي تُجرى في مختبرات روزيتا إنفارماتيكس وفي المعهد الهولندي للسرطان، أن بإمكان الصفيفات الميكروية أن تساعد على تمييز مرضى السرطان ذوي الاحتمالات المستقبلية المختلفة. فبعد تحديد مستويات النشاط (التعبير) الجيني لأورام ثديية موضعية صغيرة الحجم (من شابات كانت قد تمت متابعة حالتهن على الأقل خمس سنوات بعد الجراحة)، تبين للباحثين أن الصيغ التعبيرية (أي الطرز الإجمالية للفاعلية عبر مجموعة من الجينات الورمية المنتقاة) اختلفت من مريضة لأخرى (في اليمين). ومن التحليل الرياضياتي (في اليسار)، اتضح أن المريضات اللواتي ماثلت صيغهن التعبيرية توقيع «احتمالات مستقبلية رديئة» (أي النمط الوسطي للأورام النقائلية)، يرجح كثيرا أن يعانين رجعة سريعة أكثر من المريضات اللواتي ماثلت صيغهن التعبيرية توقيع «احتمالات مستقبلية جيدة» (النمط المعتاد لأورام لا تنتشر). فإذا ما أكد باحثون آخرون صحة هذه النتائج، سيغدو باستطاعة الأطباء يوما ما أن يميزوا المصابات اللواتي يحتجن إلى معالجة أكثر تركيزا بالاعتماد، ولو جزئيا، على مدى تطابق صيغهن التعبيرية مع صيغة احتمالات مستقبلية معيارية جيدة أو رديئة.



معالجة تُفصَّل وفق الحاجة(*******)

وستتمثل النتائج الباهرة للصياغة الجزيئية التي أتاحتها دراسات صفيفات الدنا، بترسانة ضخمة من الأدوية وبالمزيد من الأدوية ذات التأثيرات الجانبية الأقل. ولكن كثيرا من الأطباء يأملون بنتائج أفضل، تتمثل بأدوات تشخيصية أسرع، تصنف المرضى ذوي الأعراض المتشابهة في مجموعات مستقلة متباينة، تفيد من خطط علاجية مختلفة. وكما أوضحت دراسة الورم اللمفي التي ذكرت في بداية هذه المقالة، فإن مختصي السرطان بالذات يحتاجون على نحو ملحّ، إلى تعرّف أولئك المرضى الذين يحتاجون (منذ البداية) إلى أقصى معالجة مركزة.



ولقد أوضحت الأبحاث في سرطان الثدي التي تجريها مجموعتنا في مختبرات روزيتا (بالتعاون مع المعهد الهولندي للسرطان في أمستردام) كيف تساعد صفيفات التعبير في هذا المجال [انظر الإطار في هذه الصفحة]. كان هدفنا في هذه الحالة ابتكار اختبار، يمكن بوساطته تحديد أي من المريضات الشابات تحتاج (وهن في مرحلة مبكرة من سرطان الثدي، حيث لا دليل على وجود سرطان في العقد اللمفية) إلى معالجة دوائية جهازية (عامة)(5) systemic، للحيلولة دون حدوث نقائل(6) metastases (أي انتقال الورم وانتشاره) في إثر الجراحة، وأي منهن لا تحتاج إلى هذه المعالجة. ومع أن الإرشادات الحالية توصي بالمعالجة الجهازية (العامة) لنحو 90 في المئة من هؤلاء النسوة، فلعل نسبة لا بأس بها منهن لن يحدث لديها نقائل بعيدة، حتى من دون إخضاعها لهذه المعالجة. ولكن مما يؤسف له  أن الأدوات المعيارية لا تميز النسوة الأكثر استعدادا للإصابة.



صفيفات الپروتينات ـ خيار جديد(********)

<L .N.آندرسون> ـ <G.ڤالكيرز>

كما هي الحال في صفيفات الدنا DNA الميكروية، فإن باستطاعة الشيپات المعتمدة على الپروتينات (التي تُصفَّفُ فيها الپروتينات عوضا عن جزيئات الدنا الميكروية على سطح صغير) أن تقيس مستويات الپروتينات في النسج. وفي الحقيقة، فإن هذه الشيپات تؤدي الغرض على نحو مباشر أكثر، كما أن بعض الأدلة تشهد لها بدقة أكبر. هذا، إضافة إلى أن الصفيفات الپروتينية تنفرد في أنها تكشف أيا من الپروتينات في نسيج ما يتآثر بعضها مع بعض.

إن هذه الخصائص كلها تجعل من صفيفات الپروتينات أدوات أكثر إغراء للاستعمال في الأبحاث البيولوجية. ولكن يرجح كثيرا أن يُستثار فضول الشخص العادي لسبب آخر، إذ يعقد أمل كبير على أن تزيد هذه الشيپات زيادة كبيرة عدد الحالات التي سيتمكن الأطباء من تشخيصها بسرعة في عياداتهم.

وينبغي أن تغدو هذه الوسائل، ولو جزئيا، ذات فائدة كبيرة كأدوات تشخيصية؛ لأن بوسعها، خلافا لصفيفات الدنا الميكروية أن تعتصر المعلومات من پلازما الدم، وهي مادة يسهل الحصول عليها. وإن معظم الاعتلالات الصحية ـ بدءا من الأمراض المُعْدية (الخمجية) إلى أذيات القلب أو الكلية ـ تترك آثارا يمكن الكشف عنها في الدم، تأخذ شكل پروتينات مُفْرزة أو متسرّبة. وفضلا على ذلك، قد تقيس الصفيفات، باختبار واحد، عددا كبيرا من الپروتينات (إن لم يكن جميعها)، التي تشير إلى وجود مشكلات طبية. وبالمقابل، فإن الاختبارات التشخيصية المعيارية لا تكشف في المرة الواحدة إلا عن نوع واحد، أو أنواع قليلة، من الپروتينات النوعية الدالة على المرض.

ويماثل تصميم صفيفات الپروتينات تصميم شيپات الدنا. إن مئات إلى آلاف الپروتينات المتميزة تتوضع (بملايين النسخ) في بقع محددة على شبكة، توجد على صفيحة رقيقة جدا. إن ترابط پروتينات عينة الدم بالپروتينات الموجودة على الشيپة يكشف عن طبيعة پروتينات العينة وكمياتها.

ويمكن للپروتينات التي تعرض على الشيپة أن تتفاوت وفقا للأسئلة التي تطرح. ولكن الشيپات الأقرب إلى التسويق (وقد وضعت في الأصل كي يستعملها الباحثون)، تعول على الخصائص الاستثنائية لجزيئات الجهاز المناعي التي تعرف بالأضداد، حيث يتعرف كل جزيء منها پروتينا نوعيا واحدا؛ وبتعبير أدق، قطعة محددة من هذا الپروتين، ويترابط بها. وتعمل بعض شيپات الأضداد هذه بطريقة تعرف مناعيا بالشطيرة (السندويتش). فالپروتين الذي تتعرفه الشيپة يُقحَم بين نوعين مختلفين من الجزيئات الضدية: الأول يمسك الپروتين، والآخر يلصق به وسما متألقا (المخطط في الأسفل).

وبغية الإفادة من كامل إمكانات الصفيفات المعتمدة على الأضداد في الأبحاث المتقدمة وفي التشخيص، فإن على العلماء أن يتجاوزوا على الأقل عائقين رئيسيين: يتمثل الأول في الحاجة إلى تقنيات تنتج دفعة واحدة كميات كبيرة من أضداد نوعية عديدة ومختلفة. وليس المطلوب مجرد أي ضد من الأضداد، وإنما تلك الأضداد التي تترابط بأهدافها ترابطا محكما فتكشف عندئذ عن كميات ضئيلة في العينة. ويتم حاليا بالفعل التغلب على هذه الصعوبة. أما العائق الآخر فأكثر أهمية. لقد استطاعت العلوم الطبية أن تكشف حتى الآن عن عشرات فقط من الپروتينات التي قد يتجاوز عددها الآلاف والتي يمكن أن تؤشر إلى وجود مرض ما أو إلى تفاقمه. وإلى أن يحدد صانعو الشيپات الپروتينات التي عليهم البحث عنها، لن يغدو باستطاعتهم أن يتحروا سوى وجود عدد محدود فقط من واسمات الأمراض في العينة النسيجية. ولحسن الطالع، فإن حشودا كبيرة من الباحثين تتعقب پروتينات جديدة نوعية للأمراض. ومع تضافر التقدم في تصنيع الأضداد وتطور اكتشاف الپروتينات، سوف يبرز جيل آخر من صفيفات الپروتينات، قادر على إحداث تغيير جذري في كل من البحث الطبي والممارسة السريرية.

N. Leigh Anderson - Gunars Valkirs

يتعاونان في أبحاث صفيفات الپروتينات. أندرسون هو مسؤول علمي رئيسي في الشركة لارج سكيل بيولوجي كورپوريشن في ميريلاند؛ أما ڤالكيرز فهو مسؤول التقانة الرئيسي في الشركة بيوسايت داياگنوستيكس بكاليفورنيا.



صفيف پروتين قيد العمل(*********)

قد يتمكن الأطباء يوما ما من استعمال «مقايسة الشطيرة» (السندويتش) ليحددوا العامل المُعْدي (الخامج) المسؤول عن اعتلال المريض. هل هو عامل الزكام المألوف، أو ضرب جديد مميت؟ هل المُمْرِض بكتيرة السل (الدرن)، أو حتى عصية الجمرة الخبيثة، أو ڤيروس الجدري، أو ميكروب الحمى كيو، الذي ذره إرهابي (كسلاح بيولوجي)؟ إن الخطوات التالية ستحدد الإجابة.

1 ضع عينة من دم مريض على شيپة، أو صفيف، تتألف من أضداد، خُص كل واحد منها بمربع من مربعات شبيكة grid. ويشتمل كل مربع على نسخ عديدة من ضد، بوسعه الترابط بپروتين نوعي من كائن حي بعينه؛ أي يمثل عاملا مسببا لمرض محدد.

2 ضع أضدادًا موسومة بمادة متألقة، بحيث يكون باستطاعة هذه الأضداد أن تترابط بموضع آخر يوجد على الپروتين الذي تَعرَّفه الضد الموجود على الشيپة. فإذا ما ترابط پروتين من الدم بالشيپة، فإن واحدا من هذه الأضداد المتألقة سيترابط بذلك الپروتين، ممسكا به بين جزيئين من الأضداد في صورة شطيرة.

3 أدخل الشيپة في ماسح scanner لتحديد أي من العوامل الممرضة يوجد في جسم المريض. في هذه الحالة، يتبين أن المتهم هو إحدى ذراري الجمرة الخبيثة.



لقد بدأنا المشروع بتوليد صيغ تعبيرية (تواقيع) لأورام أخذت من نحو مئة امرأة، أعمارهن تقل عن 55 عاما، كانت قد تمت متابعة حالاتهن السريرية لأكثر من خمس سنوات بعد الجراحة. واستهللنا العمل بصفيف ميكروي يمثل25000جينة بشرية. وفي النهاية وجدنا أن توقيعا (تعبيرا) بعينه، أنتجته 70 جينة، يشير بقوة إلى أن النقائل ستظهر حالا. وفضلا على ذلك، فإن النمط المقابل كان يشير إشارة صريحة إلى احتمالات تطور المرض بصورة تبشر بالخير. من الواضح أن بعض الأورام بُرمجت لتغدو نقائل قبل أن تنمو إلى حجم يقل عن نصف سنتيمتر، في حين أن أوراما أخرى (أكبر حجما) بُرمجت لكي لا تنتشر مستقبلا.



ولا بد أن يؤكد آخرون نتائجنا قبل أن تصبح صياغة التعبيرات جزءا روتينيا من سيرورة تحرّي سرطان الثدي. وقد تشرع كثرة من المراكز الطبية (خلال العامين القادمين) في اختبار صياغة التعبيرات كدليل للعلاج، ليس فقط لسرطان الثدي بل لأنواع سرطانية أخرى. كما أن الأمراض الأخرى بحاجة إلى وسائل تشخيصية محسَّنة. وقد تساعد صياغة التعبيرات على تمييز المجموعات الفرعية من المرضى الذين يعانون اعتلالات شائعة كالربو والسكري والبدانة والذين يحتاجون إلى معالجات خاصة. إن تلك التطبيقات هي قيد الدراسة حاليا.



وقبل أن تحقق الصفيفات الميكروية آمالنا فيها كأدواتِ بحث وتشخيص، لا بد من تذليل كثرة من الصعوبات. فالشيپات والماسحات scanners والتجهيزات الأخرى، تظل باهظة الثمن (فهي تُوجِد «حسد الصفيفات»(7) لدى كثرة من الأكاديميين الذين لا يحظون بالتمويل الكافي). ويحتمل أن تهبط الكلفة مع مرور الزمن.



ولكن حتى مع انخفاض الأسعار، فقد لا تثبت هذه التقانات، في البداية على الأقل، جدواها بالنسبة إلى عيادات الأطباء أو المختبرات الطبية العادية؛ إذ إن قلة من الأطباء، أو الفنيين، تمتلك التجهيزات والمهارات اللازمة لتحضير عينات النسج تحضيرا سليما يلائم استعمالها كصفيفات. أضف إلى ذلك، أن الطبيب، لكي يشخّص مرضا كبديا مثلا ـ استنادا إلى تغيرات التعبير الجيني لخلايا الكبد ـ سيحتاج عادة إلى خلايا من الكبد نفسه. ولكن الوصول إلى هذا العضو ليس متاحا بسهولة.



ومع أن هذه المعضلات تبدو ضخمة حاليا، فقد يتمكن الإبداع من التغلب عليها. فمثلا، قد يأتي يوم، تَحِل فيه وظيفيا ـ على نحو مقبول ـ نُسُج يسهل الوصول إليها محل نسج يتعذر الوصول إليها. وفضلا على ذلك، قد لا تكون هنالك في بعض الحالات حاجة إلى استعمال الصفيفات الميكروية بحد ذاتها؛ إذ إنها قد تزود العلماء، عوضا عن ذلك، بالمعلومات البحثية الضرورية لاستنباط اختبارات تشخيصية تأخذ أشكالا أخرى سهلة التطبيق.



ومع تقدم فهم آليات عمل الخلايا والجسم بكامله، سيغدو باستطاعة الأطباء اتباع طرائق تشخيصية أكثر دقة، وتقديم معالجات للمرضى أكثر حذاقة، قد تكون المعالجة الجينية واحدة منها، وأن يصمموا تلك الإجراءات بالنسبة إلى كل فرد على حدة وفق خلفيته الوراثية والوضع الحالي لأدائه الفزيولوجي. ويمكننا أن نتصور أنه سيغدو بوسع هيئات الرعاية الصحية، ومن يدور في فلكها، أن يحفظوا، بحلول عام 2020، في نماذج شيپات سيليكونية in silico، الحالة الجزيئية لكل من مشتركي الرعاية الصحية؛ أي محاكاة حقيقية يمكن تحديثها بصفة مستمرة باستعمال صفيفات ميكروية وبيانات أخرى تُستقى من سجل الزيارات الطبية ومن المعلومات العلمية الجديدة المتعلقة ببيولوجيا الخلية. ولعل هذه الفكرة لن تروق لبعض المشتركين في هذه الهيئات، فيضحّون بفرص الحصول على خصومات على أسعار الاشتراك ـ وربما بما يتبع ذلك من الحصول على أفضل رعاية صحية ممكنة، مقابل الشعور بالخصوصية. ويحتمل أن من سيوافقون على المضي في هذا البرنامج ستتأجل عندهم تأثيرات الشيخوخة وسينعمون بحياة أوفر صحة.



 المؤلفان

Stephen H. Friend - Roland B. Stoughton

زميلان في الشركة روزيتا إنفارماتيكس بواشنطن، التي تأسست عام 1996 لتطوير طرائق صيغية(1) تستعمل التقانات الحاسوبية وتقانات صفيفات الدنا DNA الميكروية. وفي العام 2001 قامت الشركة «ميرك» وشركاؤها بشراء الشركة روزيتا. ويشغل فرند منصب نائب رئيس الشركة ميرك لشؤون الأبحاث الأساسية، ورئيس الشركة روزيتا. وكان قد عمل باحثا في علم أورام الأطفال وفي البيولوجيا الجزيئية في جامعة هارڤرد قبل أن يصبح مديرا لعلم الأقرباذين الجزيئي في مركز فرد هتشنسون لأبحاث السرطان، وأحد مؤسسي الشركة روزيتا. أما ستوتن، الذي يحمل الدكتوراه في الفيزياء، فهو النائب الأول للرئيس لشؤون المعلوماتية في الشركة روزيتا. وقبل انتقاله إلى حقل التقانة الحيوية، عمل على تطوير أدوات معالجات الإشارات وتعرّف الأنماط في الفيزياء الأرضية والفيزياء الفلكية.


0 تعليق على موضوع "سحر الصفيفات الميكروية DNA microarray"


الإبتساماتإخفاء