تقع على ضفاف نهر الفولغا، وهذه البحيرة خلابة بمناظرها الطبيعية، حيث يؤكد السياح بأنها ليست أقل شأناً من بحيرة جنيف الفاخرة في سويسرا.
هذه البحيرة "لؤلؤة قازان" تستقطب الكثير من الناس، لكن البعض منهم لا يأتي للاستمتاع بجمال طبيعتها وإنما في محاولة منهم للعثور على الكنز الأسطوري لخانات قازان، والذي بحسب الأساطير غرق في مياه بحيرة كابان.
وفي القرنين الخامس عشر والسادس عشر كانت قازان عاصمة خانية قازان التي تشكلت بفضل الإمبراطورية المنغولية العظمى التي أسسها جنكيز خان وخلفائه. حينها كانت الخانات في عداء مع القياصرة الروس، حيث كانت الحروب الكبرى والمناوشات الحدودية الصغيرة لا نهاية لها. وفي عام 1552 وبعد هجوم دموي استولى القيصر إيفان الرابع الرهيب على مدينة قازان وضمها إلى روسيا. وتقول الأسطورة القديمة بأن الناس المقربين من خان قازان قاموا بدفن خزينة سيدهم في بحيرة كابان الليلة التي سبقت الهجوم حيث تم غرق كنوزاً لا تعد ولا تحصى من سبائك الذهب والمجوهرات الثمينة. وبالفعل لقد حاول الكثيرون العثور على كنز الخان لكن دون جدوى. ومع مرور الوقت هجرت البحيرة تدريجياً وتحولت إلى مستنقع. وفي عام 1913 اقترحت شركة بلجيكية على سلطات قازان إجراء عمليات تنظيف للبحيرة علماً أن الشركة تقع على عاتقها جميع النفقات لكن بشرط واحد وهو أن تملك الحق باستملاك جميع ما تعثر عليه في أعماق البحيرة. وهنا تذكر سكان قازان على الفور كنوز الخانات وتساءلوا ألا يريد هؤلاء البلجيكيين الماكرين الحصول على هذا الكنز؟ وبعد تفكير طويل قررت سلطات المدينة تأجيل هذه المسألة إلى أوقات أفضل.
وفي بداية عام 1920 بدأت في مدينة قازان حملات للبحث عن هذا الذهب، وبدأ المغامرون يسحبون المال من الناس السذج مقابل وعدهم بجبال من الذهب، ولكن كل شيء اختفى بعد ذلك. وفي نهاية المطاف تدخلت السلطات القانونية التي هدأت من طمع المختلسين والباحثين عن الكنوز وفي منتصف الستينات من القرن الماضي جاء عجوز غريب الأطوار إلى الصحفي التتري المعروف رفايل مصطفين الذي لقب نفسه إسماعيل عظيموف أحد سلالة النبلاء من آخر خان لقازان. وهنا وضع الرجل العجوز أمام الصحفي وثائق ومخطوطات قديمة وسرد عليه قصة مذهلة. فمنذ 400 عام كان أحد أجداده واحداً من الذين أخفوا كنز الخان في أعماق بحيرة كابان، علماً أن جميع من كان على علم بهذا الأمر لقوا حتفهم لدى اقتحام المدينة من قبل قوات إيفان الرابع، ولكن نجت مخطوطات سلالة عظيموف. ومنذ ذلك الحين أصبحت المعلومات حول مكان الكنز تتداول من جيل إلى آخر لسلالة عظيموف ومن الأب إلى الابن. وهذا العجوز بقي وحيداً، ولكي لا يموت السر أراد أن يشاطره للصحفي مصطفين. لكن الصحفي لم يصدق ما سمعه في اعتقاد منه أن هناك الكثيرين في العالم الذين يرون قصصاً غريبة الأطوار وخيالية. وهنا فضل مصطفين التخلص من الزائر الغريب. ولكن في نهاية المطاف أعرب مصطفين المفتون بقصص كنز خان عن أسفه لأنه رفض السماع لما قاله عظيموف وحاول العثور عليه من جديد ولكن دون جدوى، وبالتالي ذهب السر إلى القبر مع العجوز.
أثير اهتمام كنز بحيرة كابان مرة أخرى في الثمانينات من القرن الماضي حيث أشيع وكأنه تم إيجاد كنز من النقود الذهبية التي تعود للقرون الوسطى في البحيرة. وهنا نفت السلطات هذه المعلومات لكن الشرطة حاوطت هذا الحوض المائي. ومن ثم ظهرت أنباء في الصحف المحلية تتحدث عن صناديق غريبة تم رفعها من قاع البحيرة أكثر من مرة، وقد أكد شهود عيان بأن هذه الصناديق كانت قديمة جداً وثقيلة. ومع ذلك لم يتم التمكن جلب هذه الصناديق إلى ضفاف البحيرات وذلك لأن البراميل الثقيلة كانت في كل مرة تعود إلى قاع البحيرة. والسؤال أليست هذه الصناديق حتى الآن في طمي البحيرة؟.
وفي عام 1988 وصلت بعثة إلى مدينة قازان نظمت من قبل صحفيين لجريدة معروفة في موسكو. وقام بعض البحارة بالغوص إلى قاع البحيرة وبدؤوا بعملية تحقق عن طريق رمي "السنانير"، وفجأة التقط أحدها بشيء ثقيل، وبدأ الباحثون برفع هذه اللقية. لكن الحبل فجأة انقطع وعاد الحمل مرة أخرى إلى قاع البحيرة، لكن ظهرت جثة بالقرب من الزورق. وبعد فترة من الزمن أثبت الأخصائيون في الطب الشرعي أن جثة الرجل المجهول مكثت في البحيرة مدة ثلاثة أسابيع. ومع ذلك لم يشأ المحققون من موسكو الخوض في تفاصيل هذه القصة البوليسية. وبعد الانتهاء من التحقيقات الأولية أغلق المحققون الملف وعادوا إلى العاصمة باعتقاد منهم أن ظهور هذه الجثة هي علامة شؤم.
الجدير بالذكر أن عمليات البحث عن الكنز تجري حتى يومنا هذا ولكن دون جدوى. والسؤال هنا هل حقاً يوجد هنا كنز في قاع هذه البحيرة؟ على كل حال بمقدور خان قازان إخفاء ممتلكاته في مكان ما تحت الأرض. ولكن لم يهنئ بال الباحثين عن الكنوز حتى يصبح لغز بحيرة كابان مكشوفاً.
0 تعليق على موضوع " بحيرة كابان "لؤلؤة قازان""
الإبتساماتإخفاء